للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للذي فعل معهم هذا الفعل فما يكون لك، وإش يُرْجى منهم الخير؟ فقال لهم خربندا: أخطأتم في هذا المقال، وحملكم الحسد والحقد، وهؤلاء استجاروا بنا والتجأوا إلينا، وليس من المروءة نخيبهم، فيا أمراء، لقد حضرت حكاية عجيبة اسمعوا لها، وهي أن موسى بن عمران عليه السلام كان يومًا من الأيام جالسًا، وإذا بباز قد [طارد] (١) حمامة يريد قبضها، فاستجارت بموسى عليه السلام ودخلت تحت ذيله، فأتى الباز وجلس بحذاء موسى عليه السلام، وقال له: يا نبي الله، سلم إلىَّ صيدي وإلا أشكوك غدا إلى الله تعالى عز وجل، فتحير موسى عليه السلام، وقال إن الله تعالى قد قال: من أجار خائفًا كان جزاؤه الجنة، ومن أشبع جائعًا كان جزاؤه الجنة، وقد جاءني جائع وخائف، ورِضَى الواحد منهما هلاك الآخر، فكيف أصنع؟ ثم قال للباز: هل لك أن تتبعنى إلى منزلى لأذبح لك شاة من الغنم تأكل لحمها وتشرب دمها، فقال له: أنا ما آكل إلا مِنْ صَيدي ولا ألتفت إلى غيره، ثم قال موسى للحمامة: هل لك أن تذهبي إلى الباز ليأكلك وأضمن لك على الله عز وجل الجنة، فقالت الحمامة: يا موسى كيف تكون حليمًا عند غضب غيرك، لأى شيء هربت من فرعون حين أراد قتلك؟ لم لا وقفت له حتى كان قتلك، وكنت من أهل الجنة؟ فكيف يهون عليك ما يعز عليّ؟ وكذا أنتم، فعلى كل حال، هؤلاء غرماء وقد التجأوا إلىَّ ولا بد لي [من أن] (٢) أتبعهم إلى كل ما يرضيهم.

ولما سمع المغل كلام خِربندا ورأوه منبسطًا معهم من غير عادة ويدافع عنهم، تركوا التعرض بالكلام، ولم يعد أحد منهم يذكرهم إلا بخير.

ثم إن يومًا من الأيام جمع خربندا الأمراء للمشورة في العبور إلى الشام، فتكلم كل واحد من أمراء المغل بنوع من الحديث، فقال خربندا لقراسنقر والأفرم: ما لكم [لا] (٣) تتحدثون؟ فقال قراسنقر: أيد الله الخان، هؤلاء الأمراء أقدم منا، ونحن أناس غرباء فما


(١) طرد: في الأصل.
(٢) إضافة تتفق مع السياق، ينظر ما يلي من الحديث.
(٣) مما: في الأصل والتصويب يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>