للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخرقت النشابة الترس ووصل إلى رميثه فجرحته، فوقع الرمح من يده، وعانق ظهر جواده، وطلب النجاة لنفسه.

ثم رشت الترك السهام فأعملوا بها الخيل وركابها، فولت العبيد، وأدركتها الترك بالسهام، فعظمت فيهم المصيبة، وتفرق جمعهم وتبعتهم الترك، فأدرك الليل، ولولا ذلك لأُخذوا كلهم.

ثم رجع أيدغدى شقير مع أصحابه، وقد قتلوا منهم (١) جماعة، وأسروا خلقًا كثيرًا وإذا بالحجاج وقد جمعوا الجمال الشاردة.

وكان مع رُميثه عرب، وهم رُكاب هجن، فلما رأوا رُميثه هاربًا نزلوا من الهجن وتعلقوا بالجبال، فأخذت الترك منهم سبعين هجينًا، وردوا كل ما كانوا أخذوه من الحجاج، وساروا يطلبون جبل عرفات، وما وصلوا إلى الجبل إلا في نصف الليل.

ثم اجتمعوا بالسلطان، وحدثه أيدغدي بجميع ما جرى، فسر السلطان بذلك.

ولما نزل السلطان على منى جاء إليه استادار حُميضه، ومعه ثلاثون فرسًا جيادًا من خيل الحجاز، ومائة هجين، وشيء كثير من القماش والثياب والعبيد، فقدمها إلى السلطان، وقال: أقل مماليكك حُميضه ورُميثه يقبلان الأرض ويسألان المراحم الشريفة، وأن لا يسمع مولانا السلطان فيهما كلام الحساد والأعداء الذين ينقلون الكذب لأجل أغراضهم ليتقربوا إلى المقام الشريف بالكلام المزور، فقال السلطان: الظاهر عنوان الباطن، ولو لم يكن الذي قيل عنهم صحيحًا لما هربوا مني، فقال: يا مولانا السلطان، ومن هو الذي ما يهرب من بين يدي الأسد؟ وما هربوا إلا خوفا من السطوات الشريفة، ونسأل العفو من هذه الجَرْية.

وكان أيضًا قَدِم بتقادم إلى الأعيان الذين مع السلطان من الأمراء والخاصكية،


(١) منهم: بين الأسطر في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>