ومنها: أن خربندا لما رحل من الرحبة إلى بلاده بعساكره نزل على الموصل فجاءته نواب بلاده بالأموال والتقادم، فلم يستقر بل رحل طالبا تبريز، ولما استقر في تبريز سَير رُسلا إلى بلاده، فطلب النواب والملوك الذين بها مع عساكرهم، فأتى الجميع إلى تبريز، واجتمع عليها خلق كثير، فبينما هم كذلك، [إذ](١) قد وصل رسول من عند ذلدي.
قال الراوي: فأحضره خربندا، بعد أن حضر جميع الأمراء وقراسنقر والأفرم، وقال للرسول: قل لما جئت؟ فقال: يقول لك ذلدي: إن ملك الترك قد سيره ومعه ثمانون ألف فارس، وهو يطلبك أن تروح إليه، وإلا فهو يجئ إليك، قال: وأنت تعلم أنَّا إنما خَلَّينا لك هذه البلاد حتى تُسَير إلينا في كل عام الحمل، وقد انقطع الحمل من مدة ثلاث سنين، وقد علمت أَنَّا لو أردنا أن نَصفَّ من بلادنا إليكم عساكرا فارسًا بعد فارس لقدرنا، ولكنا نقنع بالحمل، فلا يكون جوابك إلا إرسال حمل ثلاث سنين التي مضت، أو الحرب بيننا.
فلما سمع خربندا بذلك، قال للرسول: اذهب الآن واسترح حتى يجيئك الجواب، فخرج من عنده.
ثم قال خربندا: ماذا يكون الجواب؟ فكل واحد منهم تكلم بشيء، ولم يكن جُوبان حاضرًا، فلما كان بعد ثلاثة أيام حضر جوبان، فقال له خربندا: نحن ننتظرك في الجواب، قال له جوبان: جوابه حاضر، فطلب الرسول وضربه بالدبوس إلى أن كاد أن يموت، فقال: أنا رسول وليس من عادة الملوك ضرب الرسول، فقال جوبان: أنا ما ضربتك حتى تعلموا أن ما عندنا جواب غير الرمح والسيف، فقال الرسول: أنا ما جئت إليك، وإنما جئت لصاحب الكرسي، قال: فقال له خربندا: اسمع من كلامه ما قال لك.
فرجع الرسول إلى ذلدي وأخبره بما جرى عليه مع خربندا، فامتلأ عليه غضبًا، ثم أرسل إلى ملك الترك بأنه قد كسر عساكر خُراسان وقتل مقدميها، وأرسل إلى خربندا