للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يطلب منه حمل البلاد، وأنه ضرب رسوله ورده بما يكره، ونحن منتظرون الجواب، فرد إليه الجواب: بأنك حال وصول الرسول إليك تركب إليه بعسكرك، فإن رأيتم فيكم قلة فأعلمني أُسير لكم عسكرًا يسد الأرض، ولولا خوفي من العساكر لسَيَّرت لك جيشًا يكون أوله عندكم وآخره في بلاد الترك.

فرجع الرسول إلى ذلدي، وكان نازلًا على خُرسان، فلما سمع الرسالة قام وركب، وكان قد وصل إليه خبر دَمندار بأنه وصل إلى الماء الأسود، وهو نازل على بكر ويكير (١)، فلما ركب ذلدي سَيَّر دمندار يُعلم خربندا بركوبه.

قال: فجمع خربندا الأمراء وقال لهم: اعلموا أن ذلدي ركب، ونخاف على دَمَنْدَار من مكيدة يعملها عليه ويهلك مَنْ معه من العساكر، وكان دمندار من أمراء خربندا، وكان قد جهزه إلى مازندران بعشرة آلاف فارس.

ولما جمع خربندا أمراءه، قال لهم: ماذا تريدون في أمر ذلدي، فقال جوبان: ما ينفع إلا أن نجرد العساكر ونسير إليه، وهذه أيام الشتاء، فإن كان هو طلبنا قاتلناه، وإن تأخر سَيّرنا نوابّا إلى خراسان، ونحن نشتي في هذه السنة في مُوغان.

فقال: فاستصوب الأمراء كلهم هذا الرأي، وسار خربندا يطلب خراسان، فإذا برسول من عند دَمَنْدَار أعلمه بأن ذلدي نازل على الماء الأسود، واليزك منا ومنهم على المشارع (٢)، وإن لم تلحقوا بالعساكر وإلا عبروا إلينا.

قال الراوي: فساق خربندا وهو مسرع من غير تمهل حتى وصل إلى الماء الأسود، فإذا بعسكر ذلدي وهم يريدون قطع الماء إلى الناحية الأخرى، ولهم يزك مقابل دمندار.

وكان ذلدي قد سير رسولًا إلى بلاد كيلان، لما نزل على الماء الأسود، يقول لهم: قد علمنا ما جرى عليكم مع التتار أولا، وكيف جاءوا عليكم وقصدوا هلاككم، ونصركم الله تعالى عليهم، فالآن نحن قد وصلنا إليهم، ونحن مسلمون وأنتم مسلمون، ونريد منكم أن


(١) بكر وبكير: قلعتان على النهر الأسود، ينظر ما يلي.
(٢) مشرع - مشارع: المواضع التي يُنْحدَر إلى الماء منها، ينظر لسان العرب، مادة شرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>