للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما خربندا فإنه تأخر إلى ورائه قليلًا، قليلًا، وسار حتى وصل تبريز، [وتفقد] (١) عسكره، فوجد قد عدم منهم خمسين ألفًا، فاغتم غمًا شديدًا، وقال له جوبان: لا تُضيق صدرك فالدنيا هكذا، فيوم لنا ويوم علينا، ولكن عن قريب يبقى عسكرك أحسن مما كان وأكثر إن سمعت مِنِّي، فقال له: وما أصنع؟

فقال: اخرج الأموال القديمة التي من عهد الآباء والأجداد، وأنفق في العسكر، واستخدم الرجال، فقال له: نِعم الرأي.

ففي الحال أرسل البريدية، ونادي في البلاد بالنفقة في الجند، وأرسل إلى بحيرة المجمع وجاب منها الأموال على ظهور الجمال، واجتمع عليه الجند من جميع البلاد ونفق عليهم، فيما مضى عليه ستة أشهر حتى بقى عسكره مائتي ألف مقاتل.

وأما ذلدي فإنه عول على الرحيل خلفهم، ونزل على بكر وبكير، وهما قلعتان على النهر الأسود، فنزل إليه صاحب القلعتين وقدم له تقادم واستعرض حوائجه، فقال له: يا ملك، أنا وبلادي وأولادي كلهم مماليك الملك الكبير، ففرح ذلدي بذلك وشكره على فعله، ثم رحل طالبًا لبلاده.

وأما خربندا فإنه أقام أياما في هم وحزن بسبب انكساره ورواح رجاله وأمواله، فدخلت عليه المغل وطيبوا قلبه، وقالوا: أيها الملك، بلادك متسعة، ورجالك كثيرة، وأموالك غزيرة، فلا تحمل الهم.

فقال: ما هي إلا صاحب مصر يسمع بهذه الكسرة فيطمع فيَّ ويَشْمت بي، فقال له قراسنقر والأمراء، صاحب مصر يرضى بالمساكتة، فعند ذلك فرح بعض الفرح، وخلع على قراسنقر، وأعطى الأفرم همدان وجهزه بأحسن جهاز، وشكر صنيعهم.

قال الراوي: فباسوا كلهم الأرض، ورحل كل أمير إلى محل ولايته.


(١) وافتقد: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>