للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالوفاة، ولو كان القوم يبارزونا فارس بعد فارس لخرجت إليهم وبذلت نفسي دونكم، وفي غد ترون ما أصنع.

وبات تلك الليلة يشجعهم ويطمعهم بزخرف الأقاويل.

هذا وخربندا في الفرح والسرور وأنه في يقين من انتصاره عليهم، وقد عول أن يأخذهم وقت الصباح.

ولما أصبح الصباح قامت الحرب، وأمر خربندا لعساكره بأن تترجل فترجلوا على الأرض، ولما نظر ذلدي وأصحابه إلى ذلك عزموا على أن يسلموا لهم أرواحهم ويطلبوا الأمان، فبينما هم على ذلك فإذا بغبار قد ثار حتى ملأ الأقطار من ناحية بلاد التتار، ولم يسمعوا من تحت الغبار إلا دق الطبول وصياح الفرسان، فصرخ ذلدي في أصحابه وقال لهم: هذا تُوكال وقد أقبل إليكم فخذوا لأرواحكم وشجعوا أنفسكم، فالشجاعة هي صبر ساعة، فلما سمعوا ذلك قووا قلوبهم وركبوا خيولهم، وانحدروا من رأس الجبل.

وأما خربندا، فإنه لما نظر إلى عسكر وقد أقبلت، قال لأصحابه: إش هذا الغبار؟ فقال له جوبان: هذا غبار كمين ذلدي، فوالله، لقد رابنى قلة عسكرهم، وإذا بالغبار وقد ارتفع عن تُكال بُغا ومعه مائة ألف فارس، فصرخ في فرسانه فحملوا، ونزل ذلدي من الجبل وحمل من ناحية أخرى.

ولقد قاتل في ذلك اليوم قراسنقر والأفرم وجوبان، ما [رأى] (١) الراؤون بمثله، فكثر بين الفريقين القتل والجرح، وامتلأت المعركة من [القتلى] (٢)، فعند ذلك ذلت طائفة التتار وطلبوا النجاة لأنفسم، وذلدي تبعهم بمن معه ثلاثة أيام.

هذا والأفرم وقراسنقر والزردكاش ومماليكهم حول خربندا، فقال خربندا: والله، إن كان عسكر الشام مثل هؤلاء فما على وجه الأرض أفرس منهم.


(١) رأت: في الأصل.
(٢) القتلاء: في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>