للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسلموها إلى أمير منهم يقال له: إيل سنان، وكان معظما لدين النصارى، فاجتمع به أساقفتهم وقسوسهم، فعظمهم جدا، وزار كنائسهم، فصارت لهم دولة وصولة بسببه، لعنهم الله، وذهبت منهم طائفة إلى هلاون بهدايا وتحف، وقدموا منه ومعهم فرمان أمان من جهته، ودخلوا البلد من باب توما ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوس الناس، وهم ينادون بشعارهم ويقولون:

ظهر الدين الصحيح دين المسيح، ويذمون دين الإسلام وأهله، ومعهم أوانى فيها خمر لا يمرون مسجدا إلا رشّوا عنده خمرا، وقماقمم فيها خمرا يرشون منها على وجوه الناس، ويأمرون كل من يجتازون به فى الأسواق والطرقات أن يقوم لصليبهم، ودخلوا من درب الحجر، فوقفوا عند رباط الشيخ أبى البيان (١) ورشوا هنالك خمرا، وكذلك على باب مسجد فى الحجر الصغير والكبير، واجتازوا فى السوق حتى وصلوا إلى درب الريحان أو قريب منه، فتكاثر عليهم المسلمون، فردوهم وعادوا إلى سوق كنيسة مريم، ثم توقف خطيبهم إلى دكته وكان فى عطفة السوق هنالك، فذكر فى خطبته مدح دين النصارى وذم دين الإسلام وأهله، ثم ولجوا بعد ذلك إلى كنيسة مريم، وكانت بعد عامرة، ولكن كان هذا سبب [٤٣٢] خرابها (٢).

وحكى الشيخ قطب الدين فى الذيل: أنهم ضربوا بالناقوس بكنيسة مريم، والله أعلم.


(١) الرباط البيانى: داخل باب شرقى دمشق، وينسب إلى أبو البيان بنا بن محمد بن محفوظ القرشى الشافعى الدمشقى، الزاهد، ويعرف بابن الحورانى، والمتوفى سنة ٥٥١ هـ‍/ ١١٥٦ م - الدارس ج‍ ٢ ص ١٩٢.
(٢) البداية والنهاية ج‍ ١٣ ص ٢١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>