للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطبقاتهم، فحلفوا جميعا، وصرف همته إلى تدبير دولته وتمهيد مملكته واستمالة الخواطر واستجلاب قلوب الأكابر [٤٤٤] والتحيل على من تجب الحيلة عليه، والترغيب لمن تميّله الرغبة إليه، وانقضت هذه السنة ولم يركب موكب السلطنة حتى وكّد الأسباب، وسدّ ما يخاف فتحه من الأبواب (١).

وقال بيبرس أيضا: لما قتلوا قطز كانت أوائل العسكر قد وصلت إلى المنزلة، ولم يشعروا بما كان، ولا علموا بعدم السلطان، ثم لما نزل الأمراء الذين قتلوه وتشاوروا فيمن يقوم بالأمر وتردّد الكلام بينهم، فمنهم من يظهر الامتناع ومنهم من يأبى الاستماع، فقال لهم الأمير فارس الدين أقطاى الأتابك المستعرب: من هو الذى علاه بسيفه وعاجله أولا بحتفه؟ فقالوا: الأمير ركن الدين بيبرس البندقدارى. فقال: الضارب الأول أولى، ونحن نراه للملك أهلا، فأجمعوا رأيهم عليه وأجلسوه على الطراحة الملوكيّة، ووقفوا بين يديه، ورأوا أن المصلحة فى السرعة وطلوع القلعة قبل أن يفش الأمر، ويشعر به خوشداشية المظفر وإلزامه، فربما ينتقض ما أبرم أحكامه، فركبوا مسرعين، وساروا سابقين، وقدّموا الأمير عزّ الدين أيدمر الحلّى ليسبقهم إلى القلعة، فيستفتح لهم الأبواب ويستصلح النّواب، فسبق وطلع إليها، وتحدث مع الأمراء المقيمين بها، وأعلمهم أن المظفر قد قتل، والبندقدارىّ قد ملك، ووصل، وأن اتفقوا على الرضى به والحلف له، فاستحلفهم الأيمان المؤكّدة، وقرّر معهم القاعدة، وأقبل الركن البندقدارىّ، فتوقل غارب قلّتها (٢)، وتسنّم كاهل


(١) هذه العبارات ساقطة من مخطوط زبدة الفكرة التى بين أيدينا وموضعها فيما بين ورقة ٤٠ ب و ٤١ أ.
(٢) أى صعد إلى أعلى مكان بالقلعة - انظر مواد: وقل - غرب - قلة - فى القاموس.

<<  <  ج: ص:  >  >>