وحمل الملك السعيد المذكور إلى الشغر وبكاش معتقلا فيها، ثم لما اندفع العسكر بين يدى التتار كما سنذكره، أفرجوا عنه.
ولما جرى ذلك اتفقت العزيزية والناصريّة وقدموا عليهم الأمير حسام الدين الجوكندار العزيزى، ثم سارت التتار إلى حلب، فإندفع حسام الدين الجوكندار والعسكر الذين معه بين أيديهم إلى جهة حماة، ووصلت التتار إلى حلب فى أواخر هذه السنة، وملكوها، وأخرجوا أهلها إلى قرنبيه واسمها مقرّ الأنبياء، ولما اجتمع المسلمون هناك بذلوا فيهم السيف، فأفنوا غالبهم، وسلم القليل منهم، ووصل حسام الدين الجوكندار ومن معه إلى حماة، فضيّفهم الملك المنصور محمد صاحب حماة، وهو مستشعر منهم، خائف من غدرهم، ثم رحلوا عن حماة إلى حمص، ولما قارب التتار حماة خرج منها صاحبها الملك المنصور وصحبته أخوه الملك الأفضل علىّ والأمير مبارز الدين، وباقى العسكر، واجتمعوا بحمص مع باقى العسكر إلى أن خرجت هذه السنة (١).
وفى يوم الجمعة خامس المحرم من السنة الآتية وهى سنة تسع وخمسين وستمائة كانت كسرة التتار على حمص، وكانت التتار ساروا إليهم، فاجتمعت العساكر الحلبيّة والحماويّة والحمصية مع صاحب حمص الملك الأشرف، واتفقوا على ملاقاة التتار، فالتقوا بظاهر حمص فى نهار الجمعة المذكور، وكان التتار أكثر من المسلمين بكثير، ففتح الله عزّ وجل على المسلمين بالنصر، [٤٤٧] وولت التتار منهزمين، وتبعهم المسلمون يقتلون ويأسرون منهم كيف شاءوا، ووصل الملك