للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غداة أتاها للمنيّة بغتة … من المغل جيش كالسحاب عرمرم

أحاطوا كأسراب القطا يربوعها … على سبّق جرّد من الخيل طهّم

ومن بعد ست هاجموها وما لهم … من الموت واق لا ولا منه معصم

فما دفعت أسوارها عنهم الذى … دهاهم ولا ما شيّدوه ورمّموا

[٤٨٦]

أتوها كأمواج البحار زواخر … بيض وسمر والقتام مخيّم

فلو حلب البيضاء عاينت تربها … وقد عندم الفضّىّ من تربها الدّم

وقد سيّرت تلك الجبال وسجرت … بهنّ بحار الموت والجوّ أقتم

وقد عطّلت تلك العشار وأذهلت … مراضع عما أرضعت وهى هيّم

فيا لك من يوم شديد لغامه … وقد أصبحت فيه المساجد تهدم

وقد درست تلك المدارس وارتمت … مصاحفها فوق الثرى وهى تهضم (١)

وقد جززت تلك الشعور وضمّخت … وجوه بأمواه الدماء وهى تلطم

وكلّ مهاة قد أهينت سبيّة … وقد طال ما كانت تعزّ وتكرم

تنادى إلى من لا يجيب نداءها … وتشكو إلى من لا يرقّ ويرحم

فما غادروا إلا اليسير وقد أتى … الحساب على الباقين بالحرف يقسم

وأقوت رسوم كنّ فيها وأقفرت … ربوع بهم كانت تنهر وترسم

فأيقنت أن الأرض مادت وأقبلت … بها الصاخّة الكبرى والآن التنقّم

فيا حلبا أنّى ربوعك أقفرت … وأعيت جوابا فهى لا تتكلّم

وكنت لمن وافاك بالأمس جنّة … فما بال هذا اليوم أنت جهنّم


(١) «وهى ضخم» - المختصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>