للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقبلت على فترة من تخاذل الملوك وتهاون الناس، فأكرم بها نعمة وصلت للملّة المحمدية أسبابا، وفتحت للفتوحات أبوابا، وهزمت من التتار والفرنج العدوّين، ورابطت من الملح الأجاج والعذب الفرات بالبرين والبحرين، وجعلت عساكر الإسلام تذل الفرنج بغزوهم فى عقر الدار، وتجوس من حصونهم المانعة خلال الديار والامصار، وتقود من فضل عن شبع السيف الساغب إلى حلفات الإسار، ففرقة منها تقتلع للفرنج قلاعا وتهدم حصونا، وفرقة تبنى ما هدم التتار بالمشرق وتعليه تحصينا، وفرقة تتسلم بالحجاز قلاعا شاهقة، وتتنسم هضابا سامقة، فهى بحمد الله البانية الهادمة، والقاسية الراحمة، كل ذلك بمن أقامه الله سيفا فقرى، وحملت رياح النصرة بركابه تسخيرا، فسار إلى مواطن الظفر وسرى، وكونته السعادة ملكا إذا رأته فى دستها قالت: ما هذا بشرا، وهو السلطان الملك الظاهر ركن الدنيا والدين أبو الفتح بيبرس، جعل الله سيوفه مفاتيح البلاد، وأعلامه أعلاما على رأسها من الأسنة نار لهداية (١) العباد، فإنه آخذ البلاد ومعطيها، وواهبها بما فيها، وإذا عامله الله بلطفه شكر، وإذا قدر عفا وأصلح، فوافقه القدر، وإذا أهدت [إليه (٢)] النصرة فتوحات قسمها فى حاضريها [٥١٧] لديه متكرما وقال:

الهدية (٣) لمن حضر، وإذا خوّله الله تخويلا وفتح على يديه قلاعا، جعل الهدم للأسوار، والدماء للسيف (٤) البتار، والرقاب للإسار، والبلاد المزدرعة (٥) للأولياء


(١) «الهداية» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة، ويوجد فى السلوك تقديم وتأخير - السلوك ج‍ ١ ص ٥٣١.
(٢) [إليه] إضافة من زبدة الفكرة، والسلوك.
(٣) «الهدية» ساقط من السلوك.
(٤) «السيف» ساقط من السلوك.
(٥) «المزروعة» فى السلوك.

<<  <  ج: ص:  >  >>