موت شيخ الإسلام سراج الدين عمر قارئ الهداية، فباشر المذكور وظيفة القضاء بحرمة وافرة، وعظمة زائدة، لقربه من الملك، ولخصوصيته به، ولكونه ولى القضاء من غير سعى.
وكان ينادم الملك الأشرف، ويبيت عنده فى بعض الأحيان، وكان يعجب الأشرف قراءته فى التاريخ، كونه كان يقرأه باللغة العربية ثم يفسر ما قرأه باللغة التركية، وكان فصيحا فى اللغتين.
وكان الملك الأشرف يسأله عن دينه، وعما يحتاج إليه من العبادات وغيرها، وكان العينى يجيبه بالعبارة «التى» تقرب من فهمه، ويحسن له الأفعال الحسنة، حتى سمعت الأشرف فى بعض الأحيان يقول: لولا العنتابى ما كنا مسلمين، انتهى.
واستمو فى القضاء إلى أن صرف وأعيد التفهنى فى يوم الخميس سادس عشرين صفر سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وفى اليوم المذكور أيضا صرف قاضى القضاة شهاب الدين بن حجر بقاضى القضاة علم الدين صالح البلقينى.
فلزم المذكور داره أياما يسيرة، وطلبه السلطان إلى عنده، وصار يقرأ له على عادته، ثم ولاه حسبة القاهرة فى يوم السبت رابع شهر ربيع الآخر من السنة، عوضا عن الأمير إينال الششمانى، وكان الششمانى ولى الحسبة إلى أن أعيد إلى القضاء فى سابع عشرين جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين وثمانمائة، عوضا عن التفهنى بحكم طول مرض موته.
باشر القضاء والحسبة والأحباس معا مدة طويلة، إلى أن صرف عن الحسبة بالأمير صلاح الدين بن حسن بن نصر الله، واستمر فى القضاء ونظر الأحباس