للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكيف قتلت الرجال، واستخدمت الأولاد، وتملكت الحواثر، وكيف قطعت الأشجار، ولم يترك إلا ما يصلح للأعواد والمجانيق (١) والستائر، وكيف نهبت لك ولرعيتك الأموال والحريم والأولاد والحواشى (٢)، وكيف استغنى الفقير، وتأهّل العازب، واستخدم الخديم، وركب الماشى، هذا وأنت تنظر نظر المغشىّ عليه من الموت، وإذا سمعت صوتا قلت فزعا: علىّ هذا الصوت، وكيف رحلنا عنك رحيل من يعود، وأخّرناك وما كان تأخيرك إلا لأجل معدود، وكيف فارقنا بلادك، وما بقيت ماشية إلا وهى لدينا ماشية، ولا جارية إلا وهى فى ملكنا جارية، ولا سارية إلا وهى بين أيدى المعاول سارية، ولا زرع إلا وهو محصود، ولا موجود لك إلا وهو منك مفقود، ولا منعت تلك المغاير التى هى فى رموس الجبال الشاهقة، ولا تلك الأودية التى هى فى التخوم مخترقة، وللعقول خارقة، وكيف سقنا عنك ولم يسبقنا إلى مدينتك أنطاكية خبر، وكيف وصلنا إليها وأنت لا تصدّق أننا نبعد عنك، وإن بعدنا فسنعود على الأثر، وها نحن نعلمك بما تمّ، ونفهمك بالبلاء الذى عمّ: كان رحيلنا عنك عن طرابلس يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان، ونزولنا أنطاكية فى مستهل شهر رمضان، وفى حالة النزول خرجت عساكرك للمبارزة فكسروا، وتناصروا فما نصروا، وأسر من بينهم كند اصطبل، فسأل فى (٣) مراجعة أصحابك، فدخل إلى المدينة، فخرج هو وجماعة من رهبانك، وأعيان أعوانك، فتحدّثوا معنا،


(١) «لأعواد المجانيق إن شاء الله» فى الروض الزاهر ص ٣٠٩، ونهاية الأرب.
(٢) «والمواشى» فى نهاية الأرب، والروض الزاهر.
(٣) «فى» ساقط من نهاية الأرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>