وكان رجلا شجاعا، حازما، كريما، جوادا، عارفا بتدبير المملكة، ذا مكرودهاء.
وذكر فى بعض التواريخ: أن أصله من الديلم، وأن أباه كان يلقب بمهدّب الدين، وكان رجلا جميلا وسيما من طلبة العلم، وكان حضر إلى سعد الدين المستوفى بالروم فى أيام السلطان علاء الدين كيقباذ، فسأله أن يجرى عليه شيئا من بعض المدارس ليقتات به فيكون درهما كل يوم، فمال إليه المستوفى لما رأى من حسن سمته وسمته فقال له: أريد أن أصيّرك منى مكان الولد وأجود لك بما أجد، ثم قرّبه وأدناه وأحبّه، وزوّجه ابنته، واتفق وفاه المستوفى بعد ذلك، فوصف مهذّب الدين للسلطان علاء الدين كيقباذ بالفضيلة والمعرفة والكفاية والأهلية للمناصب، فرشحه لوزارته وألقى إليه مقاليد دولته، فرزق مهذّب الدين معين الدين سليمان الملقب بالبرواناه، ثم آل أمر البرواناه إلى أن هلاون لما أخذ بلاد الروم قال للسلطان ركن الدين: من الآن يصلح للتردد فى الأشغال؟ قال:
ما يصلح أحد لذلك سوى البرواناه، فترقت منزلته من ذلك اليوم حتى صار فيما بعد حاكما على ممالك الروم إلى أن جرى عليه ما نذكره الآن من أبغا ملك التتار.
وهو أن أبغا لما توجه من الروم إلى الأردو، وأخذ معه البرواناه كما ذكرناه، استشار الأمراء فى أمره، فقوم أشاروا عليه بقتله، وقوم أشاروا بإبقائه وإعادته إلى البلاد ليحفظ نظامها ويحمل خراجها، فترجح عنده إبقاؤه فأطلقه من التوكيل على أنّه يعود، فسمع نساء أمراء المغول الذين قتلوا فى المعركة كزوجة توقو وتداون وغيرهما أن أبغا رسم بإطلاقهما لبرواناه، فاجتمعن [٦١٥] جميعا