عصر النهار، وأقمن مأتما وصحن ونحن، فسمع أبغا ضجيجهن فقال: ما هذا؟ فقيل له: إن الخواتين سمعن بأن أبغا قد خلّى سبيل البرواناه وأطلق سراحه ليعود إلى الروم سالما، فبكين وأعولن على أزواجهن، فأمر أبغا لأمير من الأمراء الذين يشتّون ببلاد سيس اسمه كوكجا بهادر (١) أن يأخذ معه مائتى فارس ويسير بالبرواناه إلى موضع عّينه له فيقتله، فاستدعى كوكجا بهادر البرواناه وقال له:
إن أبغا يريد يركب ورسم لك أن تركب أنت وأصحابك معه، فركب هو ومعه اثنان وثلاثون نفسا من مماليكه وألزامه، فتوجه معه، فأخذ به نحو البر، فعلم أن ذلك الأمر لا خير له فيه، فأحاط به وبأصحابه التتار كما يحيط بالزند السوار، وكتّفوا أصحابه، فسأل أن يمهلوه ريثما يتوضّأ ويصلى، فأمهلوه، فلما فرغ من صلاته قتلوه ومن معه.
وكان أبغا نازلا بمقام الأطلاغ، ولما سمع مماليك البرواناه بقتله وهم:
علم الدين سنجر البروانىّ، وبدر الدين بكتوت أمير آخور، فاجتمعا ومن معهم من كبارهم فى مخيّمهم وأوتروا قسيّهم، ونكّثوا نشابهم بين أيديهم وقالوا:
ما نموت إلا مقاتلين، فاضطر الذين ندبوا إلى قتلهم إلى أن شاوروا أبغا، فلما شاوروه على ذلك استحسن هذا الأمر منهم، وقال: هؤلاء مماليك نافعون، فخلّوا عنهم، فأطلقوا سبيلهم وأعطوا دستورا إلى بلادهم.