للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحاب كوندك، فأحضروه إليه، فأحضره إلى الأمراء، فوقفوا على ما معه من الكتب، فتحققوا سوء رأيه فيهم، فرحلوا من وقتهم ونزلوا على الجسورة من ناحية داريا، وأظهروا الأمور الدالّة على الخلاف، وتجريد صوارم الهجر من الغلاف (١).

وتبين للسلطان أنه فرط وأسرف فى سوء التدبير، فبادر بإرسال الأمير شمس الدين سنقر الأشقر، والأمير شمس الدين سنقر التكريتى الظاهرىّ أستاذ الدار إلى نحوهم ملتمسا منهم الرجوع، ومتلطفا لهم بأنواع الخشوع والخضوع، وفاوضاهم فى ذلك، وبالغا فيه، فما ازدادوا إلا نفارا وإباء، وقالوا: لا سبيل إلى المراجعة إليه، وقد انصدعت القلوب، وجرت هذه الخطوب، فعادا الأميران المذكوران إليه، وأعادا القول عليه، فخامره القلق وخالطه الفرق، فقالت والدته: أنا أتوجه بنفسى إليهم لعلهم يرون للحرم ويرعون مالهم من الحرم، فأذن لها فى ذلك، فحضرت إليهم، ودخلت عليهم وهم على منزلة الكسوة ظاهر دمشق، فسألتهم إخماد الثوائر، واستعطفتهم بكل ما تستمال به الخواطر، فما مالوا إليها ولا عاجوا عليها، فرجعت آيبة، ومما أمّلته خائبة (٢).

ثم رحلت الأمراء من الكسوة وجدّوا فى المسير من غير تقصير حتى وصلوا إلى الديار المصرية فى أوائل السنة الآتية، وسنذكر ما جرى بعد ذلك إن شاء الله.


(١) انظر زبدة الفكرة ج‍ ٩ ورقة ٩١ أ، ب.
(٢) انظر زبدة الفكرة ج‍ ٩ ورقة ٩١ ب، ٩٢ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>