للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بيبرس: وفى هذه السنة وصل من بغداد إلى القاهرة الشيخ نجم الدين ابن البادرائى رسولا من عند الخليفة المستعصم ليصلح ما بين الملك الناصر صاحب الشام وبين الملك المعزّ صاحب مصر، فتقرّر الصلح وترتّب، ورجع الناصر وعسكره إلى دمشق، وعاد المعزّ من البادرة إلى قلعة الجبل (١).

ومنها: أن الملك الناصر يوسف صاحب دمشق وحلب أفرج عن الناصر داود بن المعظم، صاحب الكرك كان، وكان قد اعتقله بقلعة حمص على ما ذكرناه، وذلك بشفاعة الخليفة المستعصم فيه، فأفرج عنه وأمره أن لا يسكن فى بلاده، فرحل الناصر داود المذكور إلى جهة بغداد، فلم يمكنوه من الوصول إليها وطلب وديعته الجوهر، فمنعوه إياها، وكتب الناصر يوسف إلى ملوك الأطراف:

لا يأووه (٢) ولا يميروه، فبقى الناصر داود فى جهات عانة والحدث، وضاق به الحال وبمن معه، وانضمّت إليه جماعة من غزيّة، فبقوا يرحلون وينزلون جميعا، ثمّ لما قوى [٣٤٠] عليهم الحرّ ولم يبق بالبرّية عشب ولا كلأ، قصدوا أزوار الفرات يقاسون بقّ الليل وهواجر النهار، وكان معه أولاده، وكان لولده الظاهر شادى فهد، فكان يصيد فى النهار ما يزيد على عشرة غزلان، وكان يمضى للناصر ولأصحابه أيام لا يطمعون غير لحوم الغزلان.

واتفق أن الأشرف صاحب تل باشر وتدمر والرحبة يومئذ أرسل إلى الناصر داود مركبين موسقين دقيقا وشعيرا، وأرسل الناصر يوسف صاحب دمشق يتهدّده على ذلك.


(١) «وعاد الملك المعز وعسكره إلى قلعة الجبل فى يوم الثلاثاء سابع صفر» (سنة ٦٥١ هـ‍) - السلوك ج‍ ١ ص ٣٨٦، وانظر ما يلى فى أحداث سنة ٦٥١ هـ‍.
(٢) «لا يؤوه» فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>