عوّاد، وإلمام الآلام، المملوك يجدّد الخدمة التى كان يودّ تجديدها شفاها، ويصف ما عنده من الألم لما ألّم بمزاجه الكريم، حتى أنه لم يكد يفتح بحديث فاها، ولما وقفنا على كتاب المولى المتضمن بمرض الجسد المحروس، وما انتهى إليه الحال، كادت القلوب تنشق، والنفوس تذوب حزنا، والرجاء من الله أن يتداركه بلطفه، وأن يمنّ بعافيته التى رفع فى مسألتها يديه وبسط كفيه، وهو يرجو من كرم الله معاجلة الشفاء، ومداركة العافية الموردة بعد الكدر مورد الصفا، وأن الله يفسح فى أجل المولى، ويهبه العمر الطويل.
وأما الإشارة الكريمة إلى ما ذكره من حقوق يوجبها الإقرار، وعهود آمنت بدورها من السرار، ونحن نحمد الله، فعندنا تلك العهود ملحوظة، وتلك المودّات محفوظة، فالمولى يعيش قرير العين، فما تمّ إلاّ ما يسرّه من إقامة ولده مقامه، لا يحول ولا يزول، ولا يرى على ذلك ذلّة ولا ذهول، ويكون المولى طيب النفس، مستديم الأنس بصدق العهد القديم، وبكل ما يؤثر من خير مقيم.
ولما وصل الكتاب اجتمع لقراءته الملك الأفضل، والملك [٦٩٠] المظفر، وعلم الدين سنجر المعروف بأبى خرص، وقرئ عليهم، فتضاعف سرورهم بذلك.
وكان الملك المنصور محمد ملكا ذكيا، فطنا، محبوب الصورة، وكان له قبول عظيم عند ملوك الترك، وكان حليما إلى الغاية، يتجاوز عما يكره ويكتمه، ولا يفضح قائله، من ذلك أن الملك الظاهر بيبرس قدم مرة إلى حماة ونزل بالدار المعروفة الآن بدار المبارز، فرفع إليه أهل حماة عدة قصص يشكون فيها على الملك