للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشجاعى وبيدرا والخاصكيّة، وبسط معهم من أمره، وكانوا يعلمون أن طرنطاى إذا استمر بالحكم ما كان يدع لأحد منهم كلمة، فاتفقوا على القبض عليه وعلى من يلوذ به.

وعلم كتبغا والأمراء المتعصبين لطرنطاى الأمر، فاختلوا به، وعرفّوه أن العمل عليه، واستنهضوه على أنه يفعل أمرا، وهم موافقون عليه، فكان جوابه لهم: والله أنا أعلم أنه يفعل معى كل سوء، وما أنا موثوق به أغبر، ولكن قيامى فى حق نفسى بفساد جماعة كثيرة، وسفك دماء، وقلة وفاء، ولا يرجع يشتمل الملك لأحد إلا بعد فساد كثير، والله لا أفعل شيئا مما يعيبه الناس علىّ، فأكسب خطية، فإن كان لى عمر فى التقدير فلا يقدر أحد ينقصه، وإن كان الأجل قد حضر والسعادة قد فرغت، فلّله الأمر، فعند ذلك علموا أنه لا يفعل شيئا (١).

وبقى الأشرف كلما دخل طرنطاى إليه يقربه ويكرمه ويتحدّث معه فى أمور النواب والعسكر، ويعد له مواعيد حسنة، وطرنطاى يفهم من ذلك المقصود ويجيبه بما فى نفسه، كما قيل:

يخفى العداوة وهى غير خفيّة … نظر العدوّ بما أسرّ يبوح

وبقى الحال إلى يوم السبت، فطلبه إليه، وقد رتّب للقبض عليه الأمراء، فعند ما حضر شرع السلطان يذكر إساءته إليه، ويعددها عليه، فنظر إليه وقال:

يا خوند، هذا جميعه قد علمته منك، وقدمت الموت بين يدىّ، ولكن والله


(١) ذكر ابن الفرات أن الأمير حسام الدين طرنطاى شرع فى التآمر على الملك الأشرف، بل وشرع فى اغتباله أيضا، ولكن وشى به بعض من باطنه - انظر تاريخ ابن الفرات ج‍ ٨ ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>