للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠] السهر وما نام إلا ساعة لطيفة، ثم استيقظ والرعب فى نفسه لما يعلم من الطلب خلفه، فصاح على غرارة أن عجّل بالأكل، فقال: كما ركبنا القدر فما العجلة بالركوب؟ فقال: لا سبيل إلى القعود، وصاح على العبد الذى كان يسير فرسه أن يحضر به وغرارة قام يستعجل الغذاء، فلما رأى العبد يأتى بالفرس أشار إليه بكمه أن ارجع حتى يتغدّى الأمير، فخيّل لابن قرمان أن أمر السلطنة وصل إليه، وأنه أمر بالقبض عليه، وإن منعه الفرس بسبب ذلك فمدّ يده إلى قوسه وأخذ فردة نشّاب وضرب بها غرارة وهو مولّى، فوقع السهم فى ظهره وخرج من صدره، فوقع على الأرض، ووقع الصياح فى البيوت، وصاح العبد، فأتت العرب من كل جانب.

ورأى ابن قرمان أنه مأخوذ، فقال لمملوكه: دعنا نموت ولا نسلم أنفسنا لهؤلاء، فيدخلون بنا إلى السلطان، فموتنا ههنا أحب من الشماتة بنا، ثم نهض إلى رابية هناك، فتكاثرت العرب عليه، فقاسوا منه مشقة عظيمة، وجرحت منهم جماعة، وقتل منهم نحو من أحد عشر نفسا، فرجعوا عنه، وضربوا عليه يزكا (١) إلى وقت الليل، فهجموا عليه من سائر الجوانب، وقد ضعف من التعب والجوع وفرغ نشابه، فتمكنوا منه فقتلوه (٢) ومملوكه معه، وقطعوا رأسه وأخذته أخوة غرارة، فأتوا به إلى السلطان وأخبروه جميع ما وقع من أمره، فأنكر السلطان عليهم قتله، وقال: لم ما أحضرتموه بالحياة؟ وعرفوه أنهم عجزوا عن ذلك.


(١) اليزك: طلائع الجيش. صبح الأعشى ج‍ ١٥ ص ١١٥.
(٢) «قتله شخص من العرب» العايد يسمى عشيش» - كنز الدرر ج‍ ٨ ص ٣٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>