يومى إليها بالركوع مخادعا … فتخرّ ساجدة إليه ونسلّم
[٢٠] قال الراوى: ثم اتفق رأى الافرنج على أن يسيروا إلى السلطان فيسألونه أن يرحل عنهم، وعليهم كل سنة مالا يحملونه إليه مع هدايا وتحف كما كانت فى الأول، فلما جاء رسلهم إلى السلطان جمع الأمراء فشاورهم فيه. فقال جميعهم عن لسان واحد: إن هذا حصن كبير عندهم، ولم يبق فى بلاد الساحل من أهل الكفر غير أهله، وكان عزم الشهيد والد الأشرف على فتحه، والسلطان قد عزم فى أول دولته على فتحه على ما كان عليه عزم الشهيد، وأنه قد أصيب من المسلمين جماعة، وقتلت جماعة، وما بقى للصلح فائدة، فإنما قد أشرفنا على فتحه. وهم فى ذلك، وإذا بصياح عظيم من السوقة والحرافيش والغلمان والجمالين: يا مولانا السلطان بتربة الشهيد لا نصطلح مع هؤلاء الملاعين، ثم قال السلطان للرسل: لا صلح عندنا إلا أن تسلموا الحصن بالأمان، فذهبت الرسل، وكان يوم الخميس.
ففى يوم الجمعة أمر السلطان بالزحف، فزحفوا وكشفوا الإفرنج عن الأسوار بسهام، ثم دخلوا فى المدينة فوجدوا من الأموال والذخائر والأوانى البلور المرصعة بالذهب واللؤلؤ ما لم يقدر عليه، وكذا من الأوانى الفضة والذهب والدراهم البندقية شيئا كثيرا لا يعدّ ولا يحصى، ووجدوا أيضا من أصناف المتجر الذى يحضر إليها ويسافر به إلى الشام ومصر شيئا كثيرا، ومن الذهب السبائك والفضة الحجر، فشرعت الكسابة من الغلمان والسوقة والحرافيش ينهبون، وقتلت من المسلمين جماعة على الكسب، وكانوا إذا وجدوا آنية من فضة أو ذهب أو بلور كسروها وأطفأوا صنعتها (١)، وأخذوا من النساء والأولاد شيئا كثيرا،