للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعموم (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً) (البقرة: ٨٣)، وهذا يدل على التعامل بالحسنى بين الخلق في الأصل إلا ما استثني من باغ ومعتد.

وقد اتفق النبي صلى الله عليه وسلم مع اليهود في أمور عامة تخدم المصالح العامة للمدينة، وكانت الأسواق بين المسلمين والكفار من المشركين وأهل الكتاب جارية كسوق بني قينقاع وعكاظ وغيرهما.

والحركة التجارية بين الشعوب أمر من النعم الربانية العامة على البشرية التي بينها الله امتنانا في قوله (لإِيلافِ قُرَيْشٍ* إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ* فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) (قريش: ١ - ٤)، وهذا ساقه في سياق الامتنان.

فيجب على الإنسان أن يحفظ النعم شاكرا لله، وحفظُها من شكرها.

ومِنْ كفر النعمة: منعها أو عرقلتها وكفر النعمة محرم، وهو من البغي في الأرض.

وأمر الله بالتبادل المصلحي والمنافعي الضروري المشترك، وحرم منعه، وأصل هذا تشريع حكم الماعون.

قال المؤلف غفر الله له: وتعريف الماعون الآن هو: تبادل كل ما يحتاجه الإنسان من الإنسان ولا يضر أحدهما.

فمن منعه فهو مرتكب لجرم ولو كان كافراً (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ* فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ* وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ) (الماعون: ١ - ٣).

فإذا كانت هذه الآيات فسرت في زمن سالف بحسب واقع المكلفين حال النزول بمنع الحبل، والقدر والفأس (١)؛ فمنع ما المجتمع الإنساني بحاجة إنسانية له محرم من باب أولى، كمنع الدواء، والتعليم، والعمل المعيشي الضروري.

والمحرم في الماعون منعه مع أنه بلا عوض.


(١) - في ذلك حديث حسن أخرجه أبو داود برقم ١٤١٦ والبزار برقم ١٧١٩، واللفظ له عن عبدالله قال: كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الدلو، والفأس، والقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>