والزرع المعد لطعام الأنعام مما لا يثمر يجوز دفع أجرته بجزء مشاع منه كثلث وربع على الأصل في الإباحة بشرط التراضي، والأصل عدم المانع الناقل عنه.
وتصح المساقاة والمزارعة في الأنواع الأربعة: الفواكه، والنخل، والزرع، وكل نبات يتعامل فيه الناس بذلك وقع التعامل قديما أو لم يقع.
أما الفواكه بأنواعها فظاهر؛ لأن الأصل الإباحة، ولا ناقل صحيح ينقل عن هذا الأصل وعضد الأصل بالنص العام (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)(البقرة: ٢٧٥)، و (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ)(النساء: ٢٩).
والمساقاة بيع منفعة من العامل بثمن مشروط مشاع من إنتاج الشجر من ثمرتها.
وإن كان استثمارا فهي تجارة كالمضاربة، والأصل في الاستثمارات التجارية الحل بالنص، والنص لم يفصل، فشمل الاستثمار الزراعي في شجر الفواكه أو النخل أو الحبوب أو النبات.
وتقييدها بالنخل أو الكرم أو بنوع دون آخر معارض للعموم، والنص لا يعارض إلا بنص.
ولا تُقَيَّد بمعاملة أهل خيبر، وكانت ثمرتهم النخل؛ لأن التقييد حصر وإلغاء، فالحصر هو إعطاء حكم يتناول ما لا يحصى لفرد منه، والإلغاء: هو إلغاء حكمه عما بقي.
ولا يكون إلا بنص صريح صحيح يفيد ذلك.
فإن كان بالمقايسة الاجتهادية على ما هو في مورد آخر منع، فلا يصح قياسه على منع بيع المعدوم، أو النهي عن الغرر أو المحاقلة، وهي بيع الحبوب المكيل بالحبوب في السنابل خرصا (١).
لأن هذا يقال في المساقاة على النخل؛ لأنه بيع معدوم وفيه غرر، فلما أجازه الشرع قولا وفعلا كان الأصل قياس المساقاة في غيرها من الثمر عليها؛ لأنها من نفس بابها؛ فيحكم حينئذ بمشروعية المساقاة في النخل وغيره؛ لا الذهاب إلى ما يخالفه من بيع معدوم كبيع
(١) - أخرجه البخاري برقم ٢٢٠٧ عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخاضرة والملامسة والمنابذة والمزابنة.