للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمل الحادث بعد زمن، وهو حبل الحبلة أو بيع ما في بطون الأنعام (١)؛ لكثرة الخطر والغرر في ذلك المترتب عليه الضرر الفاحش، بخلاف المساقاة والمزارعة فالأكثر السلامة.

وحصول الضرر والغرر قليل وجريان العادة الإنسانية المستمرة على ذلك مفيد لغلبة المصالح فيها، بخلاف بيع المعدوم مما لا يغلب فيه المصلحة فمتروك عادة؛ لضرره الغالب، فطابق حكمُ الشرع ما جرت به العادات من المصالح الغالبة كالمزارعة والمساقاة، ومنع ما تُرِكَ عادة لغلبة أو كثرة ضرره وغرره كبيع حبل الحبلة والسمك في الماء؛ لعلة الغرر الفاحش والضرر الكثير.

ومن المصلحة الشرعية أن تدفع الدولة الأرض إلى من يستثمرها من الشركات والمؤسسات والأفراد والجهات الاستثمارية الوطنية لعموم «فليزرعها أو ليزرعها أخاه».

وهذا أمر والأصل فيه الوجوب، فواجب على الدولة أحد أمرين في الاستصلاح الزراعي:

الأول: مباشرتها للاستصلاح الزراعي.

والثاني: إبرام عقود مع الغير استثمارا.

أما الأول وهو زراعة الأرض واستصلاحها؛ فللأمر في النص، ولأنه يحقق المصالح الكبرى للدولة والشعب من الاكتفاء الذاتي في الغذاء، وصولا إلى الأمن الغذائي، ويدفع مفسدة الفاقة والمجاعة، وذل حاجة سؤال آخر، دولة أو مجتمعا أو جهة.

وكل وسيلة خادمة لذلك فهي مطلوبة شرعا بحسبها من دراسات وأبحاث وتولية كفء وإعداد المعاهد والكليات الزراعية.

وكذا الرقابة على القطاع الزراعي وتأهيل المختصين الزراعيين؛ لأن الوسائل لها أحكام ما توسل بها إليه.

فإن لم تباشر الدولة بجهاتها المعنية الإصلاح الزراعي، وجب الأمر الآخر، وهو إبرام عقود


(١) - قولنا «وفي بطون الأنعام» فيه أحاديث منها ما أخرجه البخاري برقم ٢١٤٣ عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة، وكان بيعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن تنتج الناقة ثم تنتج التي في بطنها. ومنها ما أخرجه الإمام أحمد عن ابن عباس وسنده حسن في الشواهد، وله شاهد من حديث أبي سعيد الخدري عند أحمد كذلك لا بأس به في الشواهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>