للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه عقد تجارات، وركنها الرضى وعدم الموانع؛ والرضى موجود، والموانع غير موجودة.

فالربا لا يوجد فيه لأنه ليس قرضا، ومن حرمه لذلك فقد حرم عقدا آخر؛ لأن عقد التأمين ليس بعقد قرض أصلا، بل هو عقد بيع منفعة معروفة المحل معلومة غايتها القصوى والدنيا.

ولأن القرض قائم على «أقرضني» كذا، ولا تقول شركات التأمين ذلك، بل تقول أقدم خدمَة دفع الضرر عنك الأقصى والأدنى. وما بينهما في نفسك، أو مالك، وقيمة الخدمة اشتراك سنوي، أو شهري بمبلغ معين.

والشريعة ما جاءت إلا لدفع المفاسد والضرر، وعمل شركات التأمين كذلك.

ولأن مصالحها غالبة للطرفين، والشريعة راعية للمصالح.

ولأنها ليست بيع نقد بنقد حتى تجري فيه أحكام الصرافة، ولا بيع نقد بسلعة تجارية يلزم قبضها عاجلا أو مؤجلا.

فلا يجري عليه المانع، ولا بيع محرم عينه بالنص، ولا بيع قمار؛ لأنه غير دافع مالا مقابل سلع متعددة بالحظ.

ولا غرر فاحش فيه يؤدي إلى الضرر بأحد الطرفين.

بل هو محدد بأعلى وأدنى وما بينهما، وبشكل مدروس وعوض مرض، لدفع الضرر حال حصوله.

ولأن بيع المنافع أوسع من بيع الأعيان، والجهالات فيها أوسع.

ولذا شرط للعامل جزء الربح مع جهالة عمله في المضاربة، وجهالة هل يربح أو لا؟

وجهالة كثير من الجهد الذي يبذله العامل في المساقاة، كلها بالتقدير العام بحد أعلى وأدنى وغالب متوسط، وجواز الأجرة على الرقيا بالنص مع جهالة القدر وجواز الأجرة للوكيل على الخصومة، والمحاماة، وجواز الأجرة على الاستصناع وهو بيع وأجرة مع جهالة تفاصيل الجهد والمواد إلا بتخمين عام كلي بحد أعلى وأدنى.

وجواز رد القرض من جنس آخر إن رضي المقرض حال الدفع.

والتأمين يغتفر فيه الجهالات التفصيلية؛ لأنها معلومة بالتحديد الكلي كحد أعلى وأدنى ومتوسط.

<<  <  ج: ص:  >  >>