للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصحح العقد بالتراضي وبإزالة الضرر المانع، وإذا زال المانع عاد الممنوع كما كان على الإباحة.

ويحرم أن يبيع على بيع أخيه بالنص «لا يبع أحدكم على بيع أخيه ولا يسم على سومه ولا يخطب على خطبته» (١).

وهذا النهي يفيد التحريم والمقصد الشرعي منه الحفاظ على المكارم، ودفع مفاسد الفتنة والشحناء، أو الخصومة.

وأما القبض من المشتري للسلعة فليس ركنا أو شرطا لصحة الشراء لكن لا يجوز إحداث عقد بيع عليه إلى آخر حتى يقبضه (٢).

فالقبض شرط لصحة تصرف المالك إذا أراد البيع لآخر، وهو معنى «لا تبع ما ليس عندك» (٣)، لأن الشريعة يفسر بعضها بعضا، فيشمل ما هو ملكه بشراء لكنه لم يقبضه، ويشمل ما لم يشتره مطلقا بل يبرم الصفقة ثم يشتريها من السوق ويدفعها للمشتري.

ولا يشمل المنع ما إذا كانت السلعة في المخازن أو لدى وكيله فيبيعها ثم يحيله إلى مخازنه أو وكيله لاستلامها، فهذا لا مانع منه.

وما قدمناه من المنع مطلقا عن بيع السلعة قبل قبضها ليس محل اتفاق عند العلماء بل فيه سبعة مذاهب (٤)، والذي تدل عليه الأدلة أن الربويات يشترط فيها القبض وأن الصرف لا يصح إلا بالقبض، فهذان الموضعان مما يقطع بثبوتهما وهما محل إجماع.

وهل يشترط القبض في سائر الطعام ربوي أو غير ربوي؟ الذي تدل عليه ظواهر الأدلة واستصحاب محل الإجماع المتقدم أنه لا يشترط إلا فيما كان ربويا، فيحمل حديث «لا يباع الطعام حتى يقبض» الذي رواه البخاري على الطعام الربوي. وما قدمناه هو ما ذهب إليه الإمام مالك وهو أرجح المذاهب هنا.


(١) - تقدم الحديث وتخريجه.
(٢) - تقدم نص الحديث وتخريجه.
(٣) - تقدم تخريجه.
(٤) - انظر بداية المجتهد لابن رشد (٣/ ٢٧٧)، ط/ مكتبة ابن تيمية، القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>