للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدفع الغرر، والوصفُ المطابقُ رافعٌ له؛ فإن اطلع على خلافه بطل البيع؛ لانعدام الرضى على هذه الصفة.

فإن رضي جاز، بدليل أنه لو رآها أثناء العقد ثم تفرقا بعد إيجابه فتبين له عيب فيها حق له الإرجاع مع أنه رأى السلعة، فإذا رضي جاز العقد.

فعلم أن المؤثر هو الرضى، وهو المنصوص عليه (إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ) (النساء: ٢٩).

وإطلاق النص «إلى أجل معلوم» يدل على جواز عقد السلم إلى أجل معلوم محدد بساعة واحدة أو أقل أو أكثر من نفس اليوم، ويمكن أن نسميه السلم السريع أو القصير وهو ملاءم للمعاملات المالية المعاصرة.

ودليله إطلاق «إلى أجل معلوم»، أي إلى أي أجل معلوم طويلا أو قصيرا، فيشمل الساعة واليوم والشهر والسنة، ومن حدد أقل وأكثر الأجل فلا دليل له.

وأما بيع السلعة على النموذج أو الرؤية السابقة أو المعرفة التامة بالسلعة التجارية كما هو حاصل الآن وتحويل المشتري لاستلامها من غير محل العقد كالمخازن أو الوكيل أو الموزع أو المصنع فهو بيع لا سلمٌ، وحضور السلعة في مجلس العقد ليس شرطاً عند أحد إلا في الربويات الست فإن ضرب لاستلامها وقتا محددا أشبهت السلم.

ولا يرد هنا حديث «لا تبع ما ليس عندك» لأن معناه دائر على ما لم تقبضه، أو ما لم تملكه كما تدل عليه النصوص الأخرى؛ لأن حمله على مكان العقد يُخْرِج كثيرا من السلع عن المعاوضات، ويبطل بيعها خاصةً غير المنقولة، وكذا ما يعسر إحضاره لمجلس العقد من ثابت ومنقول كثير، ولم يقل بهذا أحد فيما أعلم.

ولا يشترط في شيء من السلع وجوده في مجلس العقد إلا في الصرافة، وبيع الربويات المنصوصة للنص على كونها يدا بيد.

مع أننا لا نرى بأسا في شراء ألف طن من التمر المعين بألف طن من القمح المعين، ثم يحيل كل طرف صاحبه إلى الاستلام من المخازن المعلومة المضمونة؛ لتعذر إحضار هذه الكميات

<<  <  ج: ص:  >  >>