للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمبلغ المعطى للعميل من البنك هو دين إلى أجل بضمانِ شخص آخر هو مصدر الكمبيالة.

والإحالة على سداده في شهر كذا من حساب الكمبيالة عملية إحالة تتضمن نفقة ومصاريف هي ما يدفعها العميل لا أنها ربا على الدين.

وقد جاز «ضع وتعجل» (١).

وهذا مثله من وجه أن البنك وكيل لِمُصْدر الكمبيالة، فيده كيده؛ لجريان العرف التجاري على أن البنك وكيل التجار في القبض والإقباض ويأخذ أجره على ذلك، فأحاله مُصْدِر الكمبيالة على وكيله، وهو البنك، ففاوضه البنك على شرط: ضع من الدين وتعجله الآن. ودفعه من ماله لا من حساب مصدر الكمبيالة بضمان إلى الأجل؛ فإن أمكن رجوع البنك على الأصل في حين أجل السداد وإلا استوفى دينه من ضمان العميل وكان الأجر مقابل هذه العمليات الكثيرة والشديدة الدقة، أو مقابل التعجيل بوضع شيء من الدين، وهو ملك لمصدر الكمبيالة، ويجعلها له أجرة على وكالته في الدفع.

وعلى كل حالٍ فلسنا مضطرين إلى هذه التخاريج على وضوحها إلا تنزلا، وإلا فالأصل الإباحة في العقود التجارية ما لم تشتمل على محرم، ولا اشتمال للعقد على بعض ذلك إلا بتكلف مع إمكان تخريجه على ما يبيحه.

وما أجاز أولى مما منع؛ لأنه الأصل.

وخصم الشيكات مع عمولة عليها جائز، ولا أعلم فيه خلافا، وتظهيرها لآخر لا حرج فيه؛ لجريان العرف التجاري بذلك (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) (الأعراف: ١٩٩) بشرط معرفة حقيقية للتظهير ومصدره.

وأما السندات فهي وثيقة على دين في ذمة آخر؛ فإن كانت شروطها كالكمبيالات فهي في حكمها.

ومن باع سندا أو كمبيالة قابلة للبيع لآخر، وأمكن تظهيرها، أو توثيق ذلك وأعطاه ما فيها مع خصم أجرة المتابعة فلا أرى في ذلك مانعا، وحديث بيع الدين بالدين لا يصح حجة لشدة


(١) - وقد استدللنا على جوازه بحديث أخرجه البخاري تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>