والمساهمة مع شركات الربا هو معاملة بعقد حرام قطعا وهو عقد الربا بغض النظر عن ما كان عليه أصل ماله قبل العقد: هل من حلال أم من حرام؟
فالنظر الفقهي هو في نوع عقد المعاملة مع من رأس ماله فيه حرام أو حلال كله.
فإن كان بعقد حرام كالربا والدعارة مع من رأس ماله حلال أو فيه حرام فهذا عقد قطعي التحريم بالنظر إليه لا بالنظر إلى ما كان عليه مال الآخر.
فإن النظر في مال الآخر أصله إنما هو من باب الورع لا من هذا الباب.
وقد أباح الله معاملة اليهود والنصارى والمشركين ولا شك في وجود شبهة في أموالهم، ولم تبن الأحكام الشرعية إلا على النظر في نوع عقدنا معهم، هل هو حلال أم حرام؟ لا بالنظر إلى ما في أموالهم من الحرام والشبهة.
وبهذا يعلم الخطأ الفقهي الفادح في فهم القواعد وتنزيلها لمن قال بالتطهير.
ولو جاز هذا العقد ثم تطهيره لجاز على تجارة مشتركة فيها عقود حلال وحرام كالدعارة ثم تطهير ما يتعلق بها، وتجارة الخنزير ثم خصم ما يتعلق بها، والاشتراك مع شركة لها فروع: منها الحلال ومنها حرام كصناعة الخمر والإباحية والمجون ثم يطهر المشترك ما أتى من الخمر وغيره من قواطع المحرمات، وهذا لم يقل به عالم أو يجيزه.
ودعوى عدم تركها للفسقة هو كدعوى التكليف بالحرام لمنع استيلاء المجرمين على الحرام، وما فاعل الحرام إلا عاص ولو نوى الخير.
والمقاصد الحسنة لا تبرر وتجيز الأعمال المحرمة بدليل حديث السفينة (١).
وإلا لجاز الاشتراك في شركة حبوب وأدوية وخمر ودعارة ثم تطهيرها وكفالة اليتامى بها، وهذا إن لم يكن عقدا حراما قطعيا -لأنه على محرم قطعي ومباح قطعي- فلا ندري ما المحرم.
وعقد المرابحة للآمر بالشراء ملزم، لا لأنه وعد يترتب على خلفه ضرر بل لأنه وعد لزم بصيغة عقد، فدخل في عموم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(المائدة: ١).