للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا زكاة في الدين على صاحبه وهو الباذل للدين «الدائن» أو المقرض، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ) (البقرة: ٢٦٧).

وهذا ليس مما كسب الشخص، بل مما أخرج من كسبه ورزقه.

وكل أمر بالإنفاق من الأموال فلا يخرج عن هذا النص؛ لأنه إما مال داخل بالكسب، أو مما أخرج الله لنا من الأرض.

ومن قال بزكاة الديون قال إنه مال، فشمله عموم (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) (التوبة: ١٠٣). فجوابه: أي خذ من جميع أموالهم المكسوبة والخارجة من الأرض، لأن هذا قطعي تفصيلي، وذلك قطعي عام؛ فيحمل على هذا، وكذا يقال في (وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) (البقرة: ٣) أي من النوعين.

والرزق والكسب ما دخل لا ما خرج.

فأمر بالإخراج مما دخل لا بالإخراج مما خرج.

فإذا عاد الدين إلى مالكه شمله (أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ) (البقرة: ٢٦٧)؛ لأنه رجع إلى كسبه المدخل، فيدخله في ماله ويزكيه معه.

أما زكاة الدين على المستدين فهو مال مكتسب طيب فإن بلغ نصابا وحال عليه حول عنده زكّاهُ.

وإن أنفقه فجعله تجارة فكذلك بشرط النصاب والحول.

وإن أنفقه على نفسه في حاجياته كمسكن أو مركب أو أثاث أو لبس أو زينة فليس فيه زكاة؛ لعموم (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ) (البقرة: ٢١٩)، أي الفاضل عن الضرورات والحاجيات.

وأما زكاة المستغلات وهي العمارات والعقارات والسيارات والآلات المنتجة فقاعدتها كذلك (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ) (البقرة: ٢٦٧).

وهذا كسب داخل فشمله النص، وشرطه النصاب والحول.

<<  <  ج: ص:  >  >>