للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويكون في الربح إن بلغ نصابا وحولا.

فمن بنى مدينة سكنية لإيجارها استثمارا؛ فهذه تجب الزكاة في إيجاراتها؛ لأنها من الكسب.

وتدفع بحسب أخذ الإيجار، فإن كان كل شهر وهي نصاب أخرج كل شهر؛ لأنه كسب وإن كان ربع السنة أو آخرها فكذلك. وما زُكِّي بالشهر أو ربع العام فلا يعاد تزكيته مرة أخرى مع الشهر الآخر بل يكون مالاً مكنوزاً يشترط له الحول والنصاب لإخراج الزكاة عنه.

وهذا بخلاف مكاسب التبادل التجاري؛ لأنها لا تنضبط بالشهر عادةً بل أقل عادات التجارة هو ربع كل عام، وغالبها كل رأس عام فتحمل على الغالب؛ ولأنها لو حسبت كل ربع سنة أو كل شهر تضرر المالك؛ لأن أصولها وأرباحها تحسب كل مرة بخلاف إيجار المستغلات فلا يحسب إلا الربح الشهري.

وما سبق في الشهر الماضي فهو مال مكنوز وزكاته كل عام.

ويجوز حساب التجارات كل ربع عام بشرط عدم تكرار زكاة ما زكى في الربع الأول من الأصول والأرباح حتى يحول عليها الحول، ولكن لما كان هذا لا ينضبط لكثرة تقليب التجارات أصولا وأرباحا فلا يميز ما زكى مما لم يزك فنبقى على ما ينضبط معينا، وهو الحول التام.

وكان صلى الله عليه وسلم يأخذ زكاة الحيوانات الأنعام والثمار كل عام لأنها لا تنتج إلا كذلك، ولو أنتجت الغنم كل ستة أشهر والأبقار تسعة؛ لكن طلب زكاتها مرتين يؤدي إلى حساب أصولها وفروعها مرتين فيضر المالك، وقد لا تبلغ الأولاد نصابات في النصف الثاني إن أفردناها، فيتضرر الفقراء فيبقى الحساب بالعام هو المنضبط للمالك وللفقير، وكذا هي قاعدة كل أموال الزكاة إلا المستغلات؛ فلسهولة تمييز إيجاراتها الحادثة عن السابقة؛ ولأن السابقة أصبحت مكنوزة إن حفظت فلا زكاة حتى تحول عاماً.

أما لو أضيفت إلى تجارة فهي تجارة لها حكمها؛ ولو بنى بها مستغلات أخذ من ريعها.

وكذا المزروعات يؤخذ منها كل عام؛ لأنها موسمية إلا ما أمكن في السنة مرتين أو مرات مما تخرج الأرض فيزكي يوم حصاده (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأنعام: ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>