للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومقدارها راجع إلى تقدير الموصي، وشَرْطٌ ألا يزيد على الثلث؛ لأن الشرع منع ما فوقه بالنص «النصف. قال: لا. قال: فالثلث. قال: الثلث والثلث كثير» (١).

وتخرج الوصية قبل الفرائض بالنص (مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللَّهِ) (النساء: ١٢).

والوصية هي: فرض شرعي مالي يبينه المالك في ماله يؤخذ بعد موته.

فقولنا «فرض» لأن النص قضى بذلك بقوله سبحانه (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (البقرة: ١٨٠).

وقولنا «يؤخذ بعد موته» هو بيان لزمن انتقال ملك المال الموصى به إلى جهة الإيصاء.

«ولا وصية لوارث» (٢) إلا الوالدين جمعا بين الآية والحديث.

ويحمل «الأقربين» في الآية على غير الورثة منهم.

ويكون الإيصاء للوالدين بما هو إحسان لهما زيادة على الفرض.

ولا وصية إلا على من ترك مالا كثيرا لا أي مال؛ لأن لفظ النص يدل عليه (إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ).

والخير في لسان العرب لا يطلق على قليل المال.

وهي بالعرف غير خارجة عنه (بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا)؛ فلا تجب الوصية في المال الحقير التافه؛ لأنه في العرف غير معتبر، ولا تجوز أكثر من الثلث للنص الشرعي.

وإذا لم يوص جاز إخراج قدر الوصية من ماله تبرعا، وقد يكون وجوبا لأنه فرض في الذمة كتبه الله تعالى.

ويحرم تغيير الوصية وتبديلها للنص على ذلك (فَمَن بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: ١٨١).

وإذا تسبب عن الوصية إثم أو جنف عن الحق فيجوز الانتقال إلى الصلح ولا إثم حينئذ في تغيير الوصية؛ لأنه دفع لمفسدة أكبر وإصلاح بالتراضي فجاز بالنص (فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ


(١) - تقدم الحديث وتخريجه.
(٢) - تقدم الحديث وتخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>