للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ (١).

وقرأ نافع وابن عامر بما كسبت أيديكم بحذف الفاء (٢)، فدل ذلك على أمرين:

أحدهما: أن ما هذه موصولة لا شرطية؛ إذ لو كانت شرطية للزمت الفاء؛ لأن بما كسبت لا يصلح أن يكون شرطا؛ فإن الفاء لا تفارقه إلا في الضرورة.

والثاني: أن اقترن الفاء بخبر المبتدأ الذي نحن بصدده جائز لا لازم؛ لأنها لم تلحقه إلا لشبهه بالجواب، فلم تساوه في لزوم لحاقها؛ ليكون للأصل على الفرع مزية.

وقد خلا الخبر المشار إليه من الفاء بإجماع القراء في قوله تعالى: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣).

وقيدت الصلة التي تقع بعدها الفاء بكونها فعلا صالحا للشرطية؛ ليعلم أنها لو كانت فعلا خالص المضي لم تدخل الفاء، وكذا لو اقترن بما لا يدخل عليه من الشرطية ولا ما أختها نحو: الّذي إن حدّث صدق مكرم، والّذي ما يكذب أو لن يكذب مفلح.

ومثال النكرة العامة الموصوفة بأحد الثلاثة: رجل عنده حزم فسعيد، وعهد لكريم فما يضيع، ونفس تسعى في نجاتها فلن تخيب.

ومثال المضاف إلى النكرة العامة مشعرا بمجازاة: كلّ رجل عنده حزم فسعيد، وكلّ غلام لكريم فما يضيع، وكلّ نفس تسعى في نجاتها فلن تخيب.

ومثال دخول الفاء على خبر موصوف بالموصول بالمذكور قوله تعالى: وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً [١/ ٣٨٣] فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ (٤).

ومنه قول الشاعر: -


(١) سورة الشورى: ٣٠.
(٢) في كتاب الكشف عن وجوه القراءات لمكي: (٢/ ٢٥١) جاء قوله في توجيه هذه الآية: «قوله:
بما كسبت قرأه نافع وابن عامر بغير فاء، ووجه ذلك أن تكون ما في قوله:
وَما أَصابَكُمْ * بمعنى الّذي في موضع رفع بالابتداء، فيكون قوله: بما كسبت في موضع خبر الابتداء، فلا تحتاج إلى فاء. وقرأ الباقون فبما بالفاء، ووجه القراءة بالفاء أن تكون ما في قوله: وما أصابكم للشرط، والفاء جواب الشرط، ويجوز في هذه القراءة أن تكون ما بمعنى الّذي، وتدخل الفاء في خبرها لما فيها من الإبهام الّذي يشبه الشّرط». وانظر أيضا: البحر المحيط (٧/ ٥١٨).
(٣) سورة الزمر: ٣٣.
(٤) سورة النور: ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>