وقال المبرد (المقتضب: ٤/ ١٨٨) هذا باب ما جرى في بعض اللّغات مجرى الفعل لوقوعه في معناه وهو حرف جاء لمعنى ويجري في غير تلك اللغة مجرى الحروف غير العوامل وهو ما. وقال: إنها تعمل عمل ليس عند أهل الحجاز لأنها تشبهها في النفي، وأما بنو تميم فيرفعون الاسم والخبر بعدها ويدعونها حرفا بمنزلة إنما إذا قلت إنما زيد منطلق. ثم ذكر شروط عملها عند أهل الحجاز من وجوب تأخير الخبر لأنها حرف عامل مثل إن فهي ضعيفة «بخلاف ليس، وإن من شروطها أيضا: عدم نقض نفي الخبر في نحو ما زيد إلّا منطلق (المقتضب: ٤/ ١٩٠). (١) انظر فيما ذكره الفراء كتابه: معاني القرآن (٢/ ٤٢)، (٣/ ١٣٩)، قال عند شرح قوله تعالى ما هذا بَشَراً [يوسف: ٣١] قوله: ما هذا بَشَراً نصبت بشرا لأن الباء قد استعملت فيه فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء فلما حذفوها أحبوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه فنصبوا على ذلك ألا ترى أن كل ما في القرآن أتى بالباء إلا هذا وقوله تعالى: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ [المجادلة: ٢]. وأما أهل نجد فيتكلمون بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا، وهو أقوى الوجهين في العربية أنشدني بعضهم (من الطويل): لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي ... جميعا فما هذان مستويان فإن قدمت الفعل (الخبر) قبل الاسم رفعت الفعل واسمه، فقلت: ما سامع هذا وما قائم أخوك وذلك أن الباء لم تستعمل ها هنا ولم تدخل. ألا ترى أنه قبيح أن تقول: ما بقائم أخوك (معاني القرآن للفراء: ٢/ ٤٣) وقال مثل ذلك عند تفسير قوله تعالى: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ (المرجع السابق: ٣/ ١٣٩).