للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أراد: عصيت، فجعل الكاف نائبة عن التاء، ولأن نيابة الموضوع للرفع موجودة في ما أنا كأنت، ومررت بك أنت. فلا استبعاد في نيابة غيره عنه (١)، ولأن العرب قد تقتصر على عساك ونحوه، فلو كان الضمير في موضع نصب يلزم الاستغناء بفعل ومنصوبه عن مرفوعه، ولا نظير لذلك بخلاف كونه في موضع رفع فإن الاستغناء به نظير الاستغناء بمرفوع «كاد» في نحو: «من تأنّى أصاب أو كاد ومن عجل أخطأ أو كاد» (٢)، ولأن قول سيبويه يلزم منه حمل فعل على حرف في العمل ولا نظير لذلك. وقال السيرافي: وأما عساك وعساني، ففيه ثلاثة أقوال:

أحدها: قول سيبويه وهي أن «عسى» حرف بمنزلة «لعلّ» وذكر القولين الآخرين (٣) وفي هذا القول أيضا ضعف لتضمنه اشتراك فعل وحرف في لفظ واحد بلا دليل (٤)، إلا أن فيه تخلصا من الاكتفاء بمنصوب فعل عن مرفوعه في نحو:

عساك أو عساكا، وفي نحو: عساك تفعل بغير «أن» ولا يخلص المبرد من ذلك (٥)، ويلزم المبرد أيضا مخالفة النظائر من وجهين آخرين:

أحدهما: الإخبار باسم عين جامد عن اسم معنى (٦). -


- (١/ ٣٩٧)، وتعليق الفرائد (١٠٤٩)، وشرح الرضي على الكافية (١/ ٢٩٤)، وشرح الشافية للرضي (٣/ ٢٠٣)، وشرح شواهد الشافية (٤/ ٤٢٥)، والخزانة (٢/ ٢٥٧)، والمغني (١/ ١٥٣)، وشرح شواهده (١/ ٤٤٦)، والعيني (٤/ ٥١٩)، والأشموني (١/ ٢٦٧).
والشاهد قوله: «عصيكا»، حيث أتى بضمير النصب وهو الكاف نائبا عن ضمير الرفع وهو تاء المخاطب، وقد ذكر أبو حيان أن ذلك من باب البدل.
(١) ذكر ابن هشام أنه لم يثبت إنابة ضمير إلا في الضمير المنفصل كما في قولهم: ما أنا كأنت وجعل البيت السابق الذي استشهد به المصنف الكاف فيه بدل من التاء بدلا تصرفيّا وليس من إنابة ضمير عن ضمير، وبذلك رد رأي الأخفش. ينظر المغني (١/ ١٥٣).
(٢) حديث شريف، رواه الطبري في الكبير والأوسط عن شيخه بكر بن سهل. ينظر مجمع الزوائد (٨/ ١٩) وقد استشهد به ابن مالك أيضا في شرح الكافية الشافية (١/ ٤٦٥).
(٣) ينظر التذييل (٤/ ٣٥٩) والهمع (١/ ١٣٢) وحاشية الخضري (١/ ١٢٨).
(٤) ينظر شرح الدماميني على المغني (١/ ١٠٠)، حيث نقل هذا الاعتراض على رأي السيرافي، ولكنه رد الاعتراض بقوله: «وليس بذلك».
(٥) ينظر التصريح (١/ ٢١٤) وقد رد ابن هشام هذا الاعتراض بقوله: ولهما أن يجيبا - المبرد والفارسي - بأن المنصوب هنا مرفوع في المعنى إذ مدعاهما أن الإعراب قلب، والمعنى بحاله. اه. المغني (١/ ١٠٣).
(٦) ينظر التصريح (١/ ٢١٤) وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>