للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ضرب زيد، وإما جار ومجرور نحو: غضب عليه ولم يلزم من نيابة [٢/ ٢٤٦] الجار والمجرور مخالفته؛ لأن الفاعل قد يكون مجرورا نحو: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (١)، وقيدت المصدر الذي ينوب بكونه (لغير مجرد التوكيد) تنبيها على أن المصدر المسوق لمجرد التوكيد لا يقام مقام الفاعل، فلا يقال في مثل ضلّ زيد ضلالا: ضلّ ضلالا؛ لعدم الفائدة، بخلاف قام في الدار قياما طويلا أو قومة أو قومتين، فإن المصدر فيه مسوق لغير مجرد التوكيد، فلا يخلو الإسناد إليه من فائدة (٢).

ونبهت بقولي: ملفوظ به أو مدلول عليه بغير العامل، على أن المنوي مدلول عليه بالعامل لا يجوز، وقد أجاز ذلك قوم من المتأخرين (٣)، ولا يصل إليه؛ لأن الفعل لا يدل على المصدر المختص ولا المحدود، وإنما يدل على الذي لمجرد التوكيد، والذي لمجرد التوكيد لا فائدة في الإسناد إليه، وهو ملفوظ به، فكيف إذا نوى ولم يلفظ به؟ (٤). فإن كان المصدر المنوي مدلولا عليه بغير الفعل جاز الإسناد إليه كقولك: بلى سير، لمن قال: سير سير شديد؟ ولو جاز الإسناد إلى المصدر المنوي مطلقا لم يمتنع أن يقال ابتداء: ضرب أو نحو ذلك وفي كلام الزجاجي: إشعار بأن سيبويه يجيز ذلك؛ لأنه قال: وقد أجاز بعضهم على إضمار المصدر وهو مذهب سيبويه (٥).

قال ابن خروف: لا يجيز أحد من النحويين ردّ الفعل إلى ما لم يسم فاعله على إضمار المصدر المؤكد، ولا يجيز أحد: قعد، وضحك، من غير شيء يكون بعد هذا الفعل، ثم ادعاؤه أنه مذهب سيبويه فاسد؛ لأن سيبويه لا يجيز إضمار المصدر المؤكد في هذا الباب، والذي أجازه سيبويه لا يمنعه بشر، وهو إضمار المصدر المقصود، مثل أن يقال لمتوقع القعود: قد قعد، ولمتوقع السفر: قد سوفر، أي: قد قعد القعود، وسوفر السفر الذي ينتظر وقوعه، والفعل لا يدل على هذا النوع من -


(١) سورة يونس: ٢٩.
(٢) ينظر: شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٥٣٦)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٩٠).
(٣) ذكر السيوطي في الهمع نقلا عن أبي حيان أن الذي أجاز ذلك هو ابن طاهر، يقول السيوطي في الهمع (١/ ١٦٣): «فإن كان مدلولا عليه بالفعل كقولك: جلس وضرب وأنت تريد هو أي:
جلوس، وضرب لم يجز، قال أبو حيان: وفي كلام ابن طاهر إشعار بجوازه» اه.
(٤) ينظر: أوضح المسالك (١/ ١٤٣)، وشرح الكودي (ص ٧٨).
(٥) الجمل للزجاجي (ص ٨٩) تحقيق ابن أبي شنب.

<<  <  ج: ص:  >  >>