للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والظرفين لا يجوز إقامتها مقام الفاعل، إلا بعد جعلها مفعولات على السعة (١)، وهذا مجاز والمفعول به المصرح مستغن عن ذلك فكانت إقامته واجبة دون إقامة ما يحتاج إلى هذا المجاز ثم قال: والجواب عن استدلال الكوفيين أن يقال: أما «نجّي المؤمنين» فلا نسلم أن «نجّي» مبني للمفعول بل أصله: (ننجي) فأدغم النون في الجيم، ولو كان مبنيّا للمفعول لكان فعلا ماضيا، فكانت الياء تكون مفتوحة، وحيث لم تفتح الياء، دل ذلك على كونه مضارعا مبنيّا للفاعل (٢)، وقد ضعّف هذا التخريج بأنه لا يتصور في قراءة من قرأ (نجّي) بفتح الياء، قالوا: إنما «نجّي» مسند إلى ضمير النجاة، وينتصب «المؤمنين» على إضمار فعل أي: ننجي المؤمنين (٣).

وأما «ليجزى قوما» ففيه تخريجان:

أحدهما: أن المسند إليه ضمير المصدر الذي هو الجزاء كما قالوا في «نجّي» و «قوما» منصوب بمقدّر أي: يجزي قوما.

ثانيهما: أن المسند إليه المفعول الثاني؛ لأن جزيت يتعدى إلى مفعولين، تقول:

جزيت زيد خيرا وجزيته شرّا (٤)، وأما قول الشاعر:

١٢٦٨ - لسبّ بذلك الجرو الكلابا (٥)

فقيل: إن «الكلاب» منصوب بإضمار فعل يفسره ما قبله، التقدير: «يسبون -


(١) في شرح المفصل لابن يعيش (٧/ ٧٤): «فلكون الفعل حديثا عن المفعول به في الأصل حتى ظفر به وكان موجودا في الكلام لم يقم مقام الفاعل سواه، مما يجوز أن يقوم مقام الفاعل عند عدمه من نحو:
المصدر، والظرف من الزمان والمكان؛ لأن الفعل صيغ له وما تقيمه مقام الفاعل غيره، فإنما ذلك على جعله مفعولا به على السعة» اه.
وأقول: من هذا النص يتبين لنا أن ابن عمرون أخذ هذا الرأي وهذا التعليل عن شيخه ابن يعيش فقد تتلمذ على يديه وأخذ النحو عنه كما بينا في ترجمته السابقة.
(٢) ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (٧/ ٧٥)، والخصائص (١/ ٣٩٨)، والإفصاح للفارقي (ص ٩٤).
(٣) في المحتسب لابن جني (٢/ ١١١) في تخريج قراءة من قرأ قوله تعالى: توقد من شجرة مباركة في سورة النور يقول ابن جني بعد ذلك: «ونحو من هذا قراءة من قرأ (نجّي المؤمنين) وهو يريد: ننجي المؤمنين، فحذف النون الثانية وإن كانت أصلية، ومشبهها لاجتماع المثلين بالزائدة» اه.
وينظر: إملاء ما منّ به الرحمن (٢/ ٣٦).
(٤) ينظر: هذان التخريجان في إملاء ما منّ به الرحمن (٢/ ٢٣٢)، والإتحاف (ص ٣٩٠).
(٥) تقدم ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>