للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فإنه إذا اضطر الشاعر يقول: الديار ممرورة، فقد صيغ للديار من «تمرون الديار» اسم مفعول تام، لكن هذا الصوغ لا يضطرد، وأشار المصنف بقوله: (وقد يشتهر بالاستعمالين)، إلى أن الفعل قد يستعمل بالتعدي واللزوم على السواء، فيصلح لذلك أن يسمى متعديا ولازما، فما تعدى تارة بنفسه، وتارة بحرف جر؛ ولم يكن أحد الاستعمالين مستندرا فيه؛ قيل فيه: متعدّ بوجهين، نحو: شكرته وشكرت له، ونصحته ونصحت له، وقد ذكروا مع هذين الفعلين فعلين آخرين:

مسحت، وخشنت؛ قالوا: ولا سبيل إلى معرفة ذلك إلا بالسماع (١).

قال ابن عصفور: وزعم بعض النحويين؛ أنه لا يتصور أن يوجد فعل يتعدى تارة بنفسه، وتارة بحرف جر؛ لأنه محال أن يكون الفعل قويّا ضعيفا في حال واحدة، ولا المفعول محلّا وغير محل في حين واحد وهو الصحيح.

قال: فينبغي إذا أن تجعل: نصحت زيدا وأمثاله الأصل فيه: نصحت لزيد، ثم حذف حرف الجر منه في الاستعمال، وكثر فيه الأصل والفرع؛ لأن النصح لا يحل بزيد، فإن كان الفعل يحل بنفس المفعول ويوجد تارة متعديا بنفسه، وتارة بحرف جر جعلنا الأصل وصوله بنفسه، وحرف الجر زائدا نحو: مسحت رأسي، ومسحت برأسي، وخشّنت بصدره وصدره؛ لأن التخشين يحل بالصدر، والمسح يحل بالرأس (٢). انتهى.

وكان قد قرر قبل هذا الكلام؛ أن المتعدي بنفسه، هو الذي يطلب مفعولا؛ ويكون ذلك المفعول يحل به الفعل، نحو: ضربت زيدا؛ وأن المتعدي بحرف جر هو الذي يطلب مفعولا به، إلا أنه لا يكون محلّا للفعل، نحو: مررت بزيد، وجئت إلى عمرو، وعجبت من بكر (٣). قال: فالمرور لا يحل بزيد، ولا المجيء بعمرو، ولا التعجب من بكر (٤). -


(١) ينظر: نتائج الفكر للسهيلي (ص ٣٥٢)، وشرح الألفية للمرادي (٢/ ٥٣)، والهمع (٢/ ٨٠)، والمقرب (١/ ١١٤)، وحاشية الخضري (١/ ١٨٠).
(٢) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٠٠، ٣٠١) طبعة العراق.
(٣) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٢٩٩، ٣٠٠).
(٤) شرح الجمل لابن عصفور (١/ ٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>