للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قلت: هذا الذي اختاره، وقال: إنه صحيح هو الذي يقتضيه النظر؛ وذلك لأن المتعدي [٢/ ٣١١] من الأفعال هو الذي له متعلق تتوقف عقليته عليه (١) كما تقدم، ولا شك أن اللازم ليس كذلك، أي: ليس له متعلق تتوقف عقليته عليه، ومحال أن يتجمع الأمران؛ إذ الضدان لا يجتمعان، وأيضا: فالفرق بين ما يحل به الفعل، وما لا يحل به الفعل واضح، وقد عرفت أن هذا الأمر أيضا فاصل بين المتعدي واللازم، ومنهم من قال: إن الفعل إذا تعدى بنفسه كان له معنى، وإذا تعدى بحرف جر كان له معنى آخر، فنصحت زيدا؛ محمول على ضده وهو «غشّ»، ونصحت لزيد؛ محمول على نظيره وهو «خلص»، فمعنى نصحت له: خلص عملي له (٢)، ولا يخفى بعد هذا عن مقاصد العرب.

وجعل ابن أبي الربيع الذي يتعدى بنفسه تارة، وبحرف جر تارة ثلاثة أقسام:

١ - قسم الأصل فيه حرف الجر، ثم أسقط اتساعا، نحو: شكرت لزيد وزيدا.

٢ - قسم عكسه، نحو: قرأت السورة وبالسورة.

٣ - قسم هما فيه أصلان، نحو: جئتك وجئت إليك، فمن قال: جئتك؛ لحظ قصدتك، ومن قال: جئت إليك؛ لحظ وصلت إليك (٣).

واعلم أنهم إنما اختلفوا في تعلق الفعل بالمفعول به؛ أهو من نفس معنى الفعل أم بالنقل؟

قال ابن عمرون: وأكثر النحاة على الأول قال: وذهب بعضهم إلى أن المتعدي موقوف على السماع بدليل: نقص الماء وأنقصته (٤)، وقد مال المصنف إلى هذا القول؛ فإنه قال: وما لا بد له من حرف الجر، فهو لازم، ولا يتميز المتعدي من اللازم بالمعنى والتعلق؛ فإن الفعلين قد يتحدان معنى، وأحدهما متعدّ والآخر لازم، كصدقته وآمنت

به، ونسيته وذهلت عنه، وحببته ورغبت فيه، وأردته وهممت به، وخفته وأشفقت منه، واستطعته وقدرت عليه، ورجوته وطمعت فيه، وتجنبته -


(١) ينظر: شرح الكافية للرضي (٢/ ٢٧٢).
(٢) ينظر: نتائج الفكر (ص ٧١).
(٣) ينظر: التذييل (٣/ ٦٦)، وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٥٦٨).
(٤) ينظر: التذييل (٣/ ٦٥)، ونتائج الفكر (ص ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>