للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشيء لامتناع غيره، وإذا كان ما بعدها مثبت كان منفيّا في المعنى، وإذا كان منفيّا كان مثبتا؛ لأنها تدل على امتناعه، وامتناع النفي إثبات، وإذا ثبت ذلك فقوله:

١٣٥٧ - فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة

فيه نفي للسعي لأدنى المعيشة فلو وجه «ولم أطلب .. إلى قليل»، أوجب فيه أن يكون فيه إثبات لطلب القليل؛ لأنه في سياق [٢/ ٣٤١] جواب «لو»، فيكون نافيا للسعي لأدنى معيشة مثبتا لطلب القليل من المال، وهو غير ما ثبت نفيه، فيؤدي إلى أن يكون نافيا مثبتا لشيء واحد في كلام واحد، وهو فاسد (١)، وإذا كان كذلك سقط استدلال الكوفيين بهذا البيت على أن إعمال الأول هو الأفصح؛ لأنهم قالوا: الشاعر فصيح، وكان يمكنه إعمال الثاني، فلما أعمل الأول من غير ضرورة دل على أن إعمال الثاني ليس بالأفصح، وإذا لم يكن الأفصح ثبت أن الأول أفصح؛ إذ لا قائل بغير ذلك، ويقوى ذلك بأنه أعمل الأول مع ارتكاب ما يلزمه من حذف المفعول من الثاني، ولو أعمل الثاني لم يلزمه ارتكاب أمر محذور، قالوا: وذلك ظاهر في أن إعمال الأول أفصح، وأجاب البصريون: بأن هذا البيت ليس من باب الإعمال في شيء، كما تقدم تقريره (٢)، قال ابن عصفور: فإن قيل:

لأي شيء جعلت، ولم أطلب جوابا لـ «لو» وعطفته على كفاني حتى لزم هذا، وهلا جعلت الجملة من قوله: «ولم أطلب» معطوفة على قوله:

فلو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني .....

وكأنه قال: وأنا لم أطلب قليلا؛ فيتصور توجيهه عليه؛ فيكون من باب الإعمال بهذا الطريق؟ فالجواب: أن هذا لا يتصور، وقد كان الأستاذ أبو علي جعله من الإعمال بهذا الطريق ووجه بطلانه أن العاملين في هذا الباب، لابد أن يشتركا، وأدنى ذلك بحرف العطف حتى لا يكون الفصل معتبرا، أو يكون الفعل الثاني معمولا للأول، وذلك نحو قولك: جاءني يضحك زيد، فجعل في «جاءني» ضميرا، أو في «يضحك» حتى لا يكون هذا الفعل فاصلا، وأقل ذلك

حرف العطف حتى تكون الجملتان قد اشتركتا أدنى اشتراك فيسهل الفصل، وأما إذا -


(١) ينظر: المقتصد شرح الإيضاح للجرجاني (ص ٢٨٦) رسالة بجامعة القاهرة.
(٢) ينظر: الإنصاف في مسائل الخلاف (١/ ٨٤ - ٩٣)، وشرح الكافية للرضي (١/ ٨١، ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>