للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غيرهم من العرب، إلا سرى عليه ذات ليلة بالنصب.

ويقبح (١) عند جميع العرب ترك الظرفية في صفة حين حذف وأقيمت مقامه نحو: سير عليه قديما وحديثا، فلو قلت: سير عليه قديم أو حديث لم يختلف في قبحه، فلو كان قيام الصفة مقام الموصوف غير عارض كقريب، حسن ترك الظرفية، وكذا لو وصفت الصفة كقولك: سير عليه طويلا من الدهر؛ لأن وصفها يعطيها شبها بالاسم الجامد، كما أن كثرة جريانها مجرى الأسماء الجامدة يلحقها بها (٢)، فلك أن تقول في سير عليه طويلا من الدهر، وفي مرّ به قريبا: سير عليه طويل الدهر، ومرّ به قريب، فإن قريبا من الصفات التي كثر جريانها مجرى الأسماء، قال سيبويه - بعد أن مثل بسير عليه طويلا وحديثا وكثيرا وقليلا -: ولم يجز الرفع؛ لأن الصفة لا تقع موقع الاسم (٣). ثم قال: وقد يحسن أن تقول:

سير عليه قريب؛ لأنك تقول: لقيته مذ قريب، وربما جرت الصفة في كلامهم مجرى الاسم، فإذا كان كذلك حسن، ثم قال: فإن قلت: سير عليه طويل من الدهر كان أحسن، وإنما حسن بالوصف لأنه ضارع الأسماء؛ لأن الموصوفة في الأصل هي الأسماء (٤)، هذا نصه. وإلى هذا أشرت بقولي: (واستقبح الجميع التّصرف في صفة حين عرض قيامها مقامه ولم توصف). فعلم عدم القبح في تصرف «قريب» من المثال المذكور؛ لأن إقامته مقام الموصوف غير عارضة بخلاف طويل وشديد ونحوهما، وعلم عدم القبح في تصرف ما وصف نحو: سير عليه طويل من الدهر؛ لأن وصفه بالجار والمجرور أعطاه شبها بالأسماء المحضة كما تقدم. انتهى كلام المصنف رحمه الله تعالى (٥).

وهو حسن إلا أنه ليس فيه التعرض إلى ذكر العلة الموجبة لعدم التصرف في الكلمات التي أوردها، ثم إنه لم يبسط القول فيها كما فعل غيره، ولا شك أنه يتعين الإشارة إلى الأمرين، وقبل ذكر ذلك فاعلم أن التصرف في الظرف هو الأصل، -


(١) هذا كله كلام المصنف (٢/ ٢٠٤).
(٢) ينظر: المقرب (١/ ١٥٠)، والهمع (١/ ١٩٧).
(٣) الكتاب (١/ ٢٢٧).
(٤) الكتاب (١/ ٢٢٨).
(٥) شرح التسهيل للمصنف (٢/ ٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>