للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قمت فيه أو قمته، وامتناع العرب من التكلم بذلك دليل على أنهما حرفا جر (١).

البحث الرابع:

قد تقدم من كلام المصنف أن المصدر المعين الزمان يعامل بعد «مذ ومنذ» معاملة الزمان في الرفع والجر، وتقدم

تمثيل ذلك، وذكر أن الأصل في: مذ قدوم زيد، مذ زمن قدوم زيد، وتقدم أن «أنّ وصلتها» [٢/ ٤٤٣] تقع بعدهما، فيحكم لموضعهما بما حكم به للفظ المصدر؛ لأنها مؤولة بمصدر، واحترز المصنف بمعين الزمان من مبهمه نحو: ما رأيته مذ قدوم أو مذ قدوم رجل. وعرف من هذا أن أنّ مع صلتها يجوز الحكم عليها بالجر وبالرفع، كما كان الأمر مع المصدر الصريح، وكذا يقدر المضاف معها أيضا كما قدر مع المصدر، واعلم أن الشيخ لما ذكر المصنف فيما إذا ولي «مذ» فيه اسم مرفوع أنه يقدر لذلك الاسم رافعا، لتكون «مذ» مضافة إلى جملة حذف أحد جزأيها إلى آخره، وذكر أن ذلك مذهب الكوفيين، قال: وقد رد هذا المذهب بأن العرب تقول: ما رأيته مذ أن الله خلقه بالفتح والكسر ولو كان كما زعموا لم يجز إلا فتح «أن»؛ لأن الموضع الذي ينفرد بالاسم أو بالفعل تفتح فيه «أنّ» ليس إلا، وهذا قد انفرد بالفعل، فكان يجب التزام فتحها، وهم قد كسروها فيه (٢). انتهى.

والجواب عن هذا الذي ذكره أن يقال: لا شك أن فتح «أنّ» في هذا المثال هو المتفق عليه، وأما الكسر فالذي صرح بإجازته الأخفش، وغيره ساكت عن ذلك كسيبويه وابن السراج كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في باب «إنّ» (٣) وهذا يدل على مرجوحية الكسر، ولا يلزم من إجازة الأخفش لذلك أن يكون مسموعا، فقد تكون إجازته له بطريق النظر، ثم إنّ المعروف من مذهب الأخفش أنه يقدر بعد مذ ومنذ اسم زمان مضافا إلى الجملة التي تذكر بعدهما وإذا كان يقدر مضافا فلا أعرف كيف يتوجه له القول بالكسر، ثم على تقدير تسليم صحة الكسر للمصنف -


(١) ينظر: التذييل (٣/ ٣٥٠، ٣٥١)، والهمع (١/ ٢١٧)، وشرح الجمل لابن بابشاذ (١/ ٢٤٤).
(٢) التذييل (٣/ ٣٤٨).
(٣) سبق الكلام عن هذه المسألة في باب إن وأخواتها، ولمراجعتها ينظر: أصول النحو لابن السراج (١/ ٣٢٦، ٣٢٧) والتذييل (٢/ ٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>