للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنهم من يعتد في هذه المسألة بالناقص الثاني ولا يعتد بالأول، فيكون اللفظ واحدا. ومنهم من يعتد بالناقص الأول والثاني فيقول في هذه المسألة: ما رأيته مذ أربعة أيام. والأقيس الأول؛ لأن تسمية الناقص يوما مجاز، ومن يعتد بالناقص لا يفعل ذلك إلا إذا كان ثم يوم كامل؛ فإن لم يكن ثم يوم كامل لم يجز، لأن الكلام كله مجاز، فلو رأيت شخصا ظهر يوم الجمعة ثم انقطعت الرؤية إلى ظهر السبت لم يجز في هذا أن يقال: ما رأيته منذ يومان ولا مذ يوم، لأنه ليس معك يوم كامل، فإنما يكون المجاز إذا اختلط بالحقيقة (١).

ومنها: أنك إذا عطفت على مدخولهما، فإما أن تعطف حالا على حال أو ماضيا على ماض، أو حالا على ماض، أو ماضيا على حال، فعطف الحال على الحال جائز نحو: ما رأيته مذ يومنا وليلتنا ومذ شهرنا وعامنا، ويكون في بعض هذه المسائل ما في قوله تعالى: فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (٢)، وقوله تعالى: مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ (٣) من تكرار ما يدخل تحت عموم ما قبله.

وإن عطفت ماضيا على ماض لم يجز، قدمت المتقدم في الزمان أو أخرته فلا يجوز ما رأيته مذ يوم الخميس

ويوم الجمعة؛ لأن قولك: مذ يوم الخميس يقتضي أنك لم تره في يوم الجمعة، وقولك: ويوم الجمعة يقتضي أنك رأيته في أوله؛ لأن «مذ» إذا دخلت على الماضي المعرفة كانت لابتداء الغاية، فالفعل واقع في أول ذلك الزمان، ثم يتصل انقطاعه، فكان عطف الماضي على الماضي مؤديا إلى التناقض فلم يجز.

وكذلك لو قدمت يوم الجمعة فقلت: ما رأيته مذ يوم الجمعة ويوم الخميس لم يجز؛ لأن يوم الخميس يقتضي أنك رأيته في أوله، ثم انقطعت الرؤية فيما بعد، وقولك: يوم الجمعة تقتضي أنك رأيته في أوله، وذلك تناقض، فإن قيل: هل يجوز النصب على إضمار فعل، فالجواب أن تقول [٢/ ٤٤٥]: إن بدأت بالمتأخر جاز فقلت: ما رأيته مذ يوم الخميس ويوم الأربعاء، لأن الرؤية انقطعت عما بعد يوم الخميس، ثم أخبرت أنك لم تره يوم الأربعاء، ولو عكست فبدأت بالمتقدم لم يجز وكان عيّا، لأنك إذا قلت: -


(١) شرح الجمل لابن عصفور (٢/ ٤٠).
(٢) سورة الرحمن: ٦٨.
(٣) سورة البقرة: ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>