للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واعلم أنّ في نصب (فاه) من «كلّمته فاه إلى فيّ» ثلاثة مذاهب (١):

أحدها: أنّه حال، وهو مذهب سيبويه، وقد تقدّم الكلام عليه. قال سيبويه:

هذا باب ما ينتصب من الأسماء التي ليست بصفة ولا مصادر؛ لأنّه حال يقع فيه الأمر فينتصب لأنه مفعول فيه، وذلك «كلمته فاه إلى فيّ» (٢) وقد تقدّم هذا عنه أيضا، قال المصنف: هو نصب على الحال؛ لأنه واقع موقع (مشافها) ومؤدّ معناه (٣).

وسيبويه فسره بـ (مشافهة) ولهذا ذهب السيرافي إلى أنّ (فاه) اسم وضع موضع المصدر الموضوع موضع الحال، فـ (فاه) موضوع موضع (مشافهة) الموضوعة موضع (مشافها) (٤).

الثاني: وهو مذهب الكوفيين، أنه منصوب بعامل مقدر على المفعولية وذلك العامل هو الحال، فأصله: كلمته جاعلا فاه إلى فيّ (٥).

الثالث: مذهب الأخفش أنّه منصوب على إسقاط حرف الجر، وأصله: كلمته من فيه إلى فيّ (٦).

قال المصنف - بعد نقل هذه المذاهب -: وأولى الثلاثة أوّلها؛ لأنّه قول يقتضي تنزيل جامد منزلة مشتق على وجه لا يلزم منه لبس ولا عدم النظير وذلك موجود بإجماع في هذا الباب وغيره، فوجب الحكم بصحته، ومن نظائره المستعملة في هذا الباب: «بايعته يدا بيد، وبعت الشّاء شاة ودرهما، والبرّ قفيزا بدرهم، والدار ذراعا بدرهم» ولا

خلاف في أنّ (يدا وشاة وقفيزا وذراعا) منصوبة نصب الحال، لا نصب المفعول به، ولا نصب المسقط منه حرف جر، فإذا أجري «كلمته فاه إلى -


(١) ينظر: شرح المفصل لابن يعيش (٢/ ٦١)، وشرح الكافية للرضي (١/ ٢٠٣) والتذييل (٣/ ٧٠٢)، والارتشاف (٢/ ٢٣٥)، والهمع (١/ ٢٢٣٧).
(٢) ينظر: الكتاب (١/ ٣٩١).
(٣) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٢٤).
(٤) ينظر: كلام السيرافي بهامش سيبويه (١/ ١٩٥) (بولاق).
(٥) ينظر: في شرح المصنف (٢/ ٣٢٤)، وتعليق الفرائد للدماميني (٦/ ١٦٧) مطبوع وسيأتي ردود العلماء عليه.
(٦) ينظر: في شرح المصنف (٢/ ٣٢٤)، والارتشاف (٢/ ٣٣٥). وردّ المبرد مذهب الأخفش بأنه تقدير لا يعقل؛ إذ الإنسان لا يتكلم من فم غيره، إنما يتكلم كل إنسان من في نفسه. ينظر: الارتشاف (٢/ ٣٣٥)، وتعليق الفرائد (٦/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>