للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإذا فقد موجب البقاء على الأصل، وموجب الخروج عنه جاز أن تقدّم الحال على صاحبه مرفوعا كان أو منصوبا أو مجرورا بحرف: وأمّا المجرور بالإضافة فقد تقدّم الكلام عليه. ولمّا كان المجرور بحرف فيه خلاف، وكذا في التقديم على المرفوع والمنصوب أشار المصنف إلى ذلك وبدأ بالمجرور وتقديم حاله عليه ليس بممتنع عند المصنف، لكنه ضعيف، ومنع التقديم أكثر النحويين فلا يجيزون في نحو «مررت بهند جالسة» أن يقال: «مررت جالسة بهند» ودليلهم في منع ذلك أنّ تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه، فحقه إذا تعدّى لصاحبه بواسطة أن يتعدى إليه بتلك الواسطة، لكن منع من ذلك خوف التباس الحال بالبدل، وأنّ فعلا واحدا لا يتعدى بحرف واحد إلى شيئين، فجعلوا عوضا من الاشتراك في الواسطة التزام التأخير (١).

وبعضهم يعلل منع التقديم بالحمل على حال المجرور بالإضافة.

وبعضهم يعلل بأنّ حال المجرور شبيه بحال عمل فيه حرف جر مضمن معنى الاستقرار، نحو: «زيد في الدار متكئا» فكما لا يتقدم الحال على حرف الجر في هذا وأمثاله، لا يقدّم عليه نحو: «مررت بهند جالسة» (٢).

قال المصنف (٣): وهذه شبه وتخيلات لا تستميل إلّا نفس من لا تثبّت له، بل الصحيح جواز التقديم في نحو: «مررت بهند جالسة» وإنما حكمت بالجواز لثبوته سماعا، ولضعف دليل المنع.

أما ثبوته سماعا ففي قوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ (٤) وفيه ثلاثة أقوال:

أحدها: أنّ (كآفة) صفة لإرساله، فحذف الموصوف وأقيمت صفته مقامه، وهو قول الزمخشري (٥).

والثاني: أن (كآفة) حال من الكاف، وهو قول الزجاج، والتاء فيه للمبالغة (٦). -


(١) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣٣٦).
(٢) ينظر: السابق نفسه.
(٣) ينظر: ما نقله عن المصنف هنا في شرحه (٢/ ٣٣٦ - ٣٤٠).
(٤) سورة سبأ: ٢٨.
(٥) ينظر: الكشاف (٣/ ٢٩٠)، وينظر: الأقوال الواردة في إعرابها في الدر المصون (٥/ ٤٤٦).
ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٢٥٤).
(٦) وتبع ابن هشام في أوضح المسالك (ص ١٢٠) هذا القول.

<<  <  ج: ص:  >  >>