للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا يريد سيبويه أنّها شبيهة بالمقادير في المقدارية؛ لأنّ هذا لا يصحّ وإنّما أراد أنّ في نحو: «حسبك به فارسا» احتمالات مبهمة والتمييز أزالها كما أزال الإبهام عن المقدار، وكذا إذا قيل: «لله درّه فارسا»؛ لأنّه يتعجب منه في صور شتّى، فلا يعلم أيّها هو، فـ (فارسا) بيّن أنّ التعجب وقع من فروسيته (١).

ولم يجعل ابن الحاجب التمييز في نحو: «لله درّه فارسا، وحسبك به شجاعا» مميز مفرد، قال: لأنّ المعنى فيه: لله درّ فروسيّته، فهو مثل: «يعجبني حسن زيد أبا» والمعنى: حسن أبوّته، وإذا كان المعنى كذلك فهو من باب تمييز

الجمل؛ لأنه من باب تمييز النسبة الإضافية، وكذا المعنى في «حسبك به ناصرا»: حسبك بنصرته (٢).

وفي كلام ابن الدّهان ما يعضد هذا، فإنّه قال - بعد أن نفى أن يكون هذا من التمييز المنقول، ومن الذي انتصب عن تمام الاسم في المقادير -: والذي عندي في هذا أنّ التقدير: لله درّ شجاعته زيد، ثم نقل «زيد» فجعل مضافا إليه «در» فخرجت «الشجاعة» تمييزا، وقام «الشجاع» مقامها توسعا.

قال: وكذلك:

١٨٩٩ - يا جارتا ما أنت جاره (٣)

في أحد قولي الفارسي (٤)، تقديره: ما جوارك، أقام الكاف مقام الجوار، فقال:

ما أنت، فخرج الجوار منصوبا على التمييز، وجعل موضعه (جارة) كما تقدّم. وإن جعل (ما) نافية، وجعل (جارة) خبر (أنت) استراح، أي: ما أنت جارة، بل أكثر من ذلك. انتهى كلام ابن الدهان، ولا يبعد المعنى على ما قرره.

ومعنى «أبرحت جارا» بيّن أن الإعجاب من جهة الجوار، فعلى هذا التمييز للنسبة، وكلام المصنف إنما هو في تمييز المفرد، فلا ينبغي التمثيل به في هذا الفصل. قال الشيخ: «أبرحت جارا» من قول الشاعر:

١٩٠٠ - فأبرحت ربّا وأبرحت جارا

-


(١) وهذا مفهوم كلامه السابق.
(٢) ينظر: الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (١/ ٣٥٥).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) ينظر: الإيضاح للفارسي (ص ١٨٠) بتحقيق د/ كاظم المرجان.

<<  <  ج: ص:  >  >>