للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأقول: قد يقال: إنّ الذي قاله الشلوبين هو الظاهر، فإنّ النصب هو الأصل في مميّز الاستفهامية وقد عرفت أنه لا يكون جمعا في مذهب البصريين، فكيف يكون جمعا فيما هو كالفرع على غيره؟!.

ولكن للمنتصر للسيرافي أن يقول: قد ثبت أنّ مميز الخبرية يكون حال جرّه مفردا ويكون جمعا، فإذا نصب على لغة من ينصبه فالأمران مستمرّان، أعني الإفراد والجمع؛ لأنّ نصب مميزها ليس بالحمل على مميز الاستفهامية (١)، وإذا كان كذلك فليس فرعا عنها.

ومنها: أنّ (كم) الخبرية المقصود بها التكثير، كما دلّ عليه كلام المصنف والمغاربة يذكرون أنّ كونها للتكثير هو المشهور؛ قالوا: وهو مذهب المبرّد (٢)، ومن بعده من النّحاة إلا ابن طاهر (٣)، وابن خروف فإنهما زعما أنّها تقع على القليل والكثير، وزعما أنّه مذهب سيبويه.

واختار ابن عصفور ذلك، واستدلّ بما توقف عليه من كلامه، وقال سيبويه:

معنى (كم) معنى (ربّ). قلت: ولا دليل فيه، بل هذا الكلام من سيبويه (٤) رحمه الله تعالى يدلّ على أنّ (ربّ) للتكثير، لا للتقليل؛ لأنّ (ربّ) لو كانت للتقليل لوجب أن تكون كم للتقليل أبدا، لقوله [٣/ ٨٢]: ومعنى (كم) معنى (ربّ)، وليس كذلك؛ لأنّ من قال: إنّها تكون للتقليل يثبت لها التكثير قطعا.

ومنها: أنّ ثمّ صورا ومسائل تعرض الشيخ لإيرادها في شرحه، فقال: (كم) -


- وقال سيبويه في الكتاب (٢/ ١٦١): «واعلم أن (كم) في الخبر بمنزلة اسم يتصرف في الكلام غير منون، يجر بما بعده إذا أسقط التنوين، وذلك الاسم نحو: مائتي درهم، ثم قال: واعلم أنّ ناسا من العرب يعملونها فيما بعدها في الخبر كما يعملونها في الاستفهام، فينصبون بها كأنها اسم منون». اه.
(١) في الإيضاح للفارسي (١/ ٢٢٠) باب (كم): «وقد تجعل (كم) - في الخبر - بمنزلة عشرين فتنصب ما بعدها ويختار ذلك إذا وقع الفصل بين المضاف والمضاف إليه».
(٢) في المقتضب (٣/ ٥٧) فأما (كم) التي تقع خبرا فمعناها معنى (ربّ)، إلا أنها اسم، و (رب) حرف، وذلك قولك: كم رجل قد رأيته أفضل من زيد». اه.
(٣) هو أبو بكر محمد بن أحمد بن ظاهر المشهور بالخدب، أي الرجل الطويل وهو نحويّ مشهور.
توفي في سنة (٥٨٠ هـ) سبقت ترجمته.
(٤) ينظر: الكتاب (٢/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>