للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وأما في اللغة الأخرى فيجوز ألا تتصدر (١). انتهى كلام الشيخ. والموجب لذكره المناقشتين المذكورتين هو أنّ أبا الحسن ابن عصفور - رحمه الله تعالى - قال في شرح المقرب (٢): إنّ العامل قد يتقدم في الاستثبات على (من) و (ما) و (أيّ)، ومثل لذلك وأردفه بكلام متعلق بالمسألة، لكنّه قال: إنّ هذا مذهب الكوفيّين، وإنّ مذهب البصريين أنّ أسماء الاستفهام كلّها لها الصدر في الاستثبات وغيره»، قال:

ولم يحفظوا من تقديم الكلام عليها، في الاستثبات إلّا قول بعض العرب: ضرب من منّا؟ وهو عندهم شذوذ.

وقال أيضا في الشرح المشار إليه: إنّ (كم) الخبرية في لغة غير فصيحة يعمل فيها العامل المتقدم عليها، وذكر أنّ الأخفش حكى هذه اللغة.

والحقّ أنّ هاتين المناقشتين لا تتوجّهان على المصنّف:

أما الأولى: فلأنّ تقديم العامل على ثلاث الكلمات - في الاستثبات - إن ثبت عن العرب فإنّ التكلم به يكون في غاية القلّة، على أنّه مع ذلك مذهب الكوفيّين، لا مذهب البصريّين، كما ذكر ابن عصفور، ثم إنّ ذلك لا معول عليه عند أرباب الصّناعة، فكلام المصنف حينئذ جار على مذهب البصريّين، وعلى المعروف المشهور، وبتقدير أن يكون ذلك من مذهب البصريّين، فهو في غاية الندارة، وإذا كان بهذه الحيثية فكيف يذكره المصنف؟ بل أقول: لو تعرّض المصنف لذكر ذلك لكان الشيخ يردّ عليه بأن هذا الذي ذكره مذهب كوفي، ويشنّع عليه بذلك، كما فعل هذا في أماكن عدة من هذا الكتاب.

وأما الثانية فلأنّ اللغة التي تنسب إلى حكاية الأخفش، إن ثبتت فهي غير فصيحة؛ لأنّ ابن عصفور قال: اللغة الشهيرة هي الفصيحة، ثم إنّها لا معول عليها، وإذا كان كذلك فكيف يناقش المصنف في أنه لم يذكر لغة ضعيفة؟.

وأما قول الشيخ: ويناقض قول المصنف: إنّها لزمت التصدير قوله - بعد ذلك -:

وتقع مضافا إليها، فإنّها إذا كانت مضافا إليها لم تلزم التصدير؛ إذ قد يتقدمها ما -


(١) ينظر: التذييل والتكميل (٤/ ٣٧٩).
(٢) كتاب مفقود لابن عصفور وقد بحثنا عنه كثيرا فلم نجده وأما شرح المقرب الموجود فهو للدكتور علي محمد فاخر، فك به طلاسم المقرب
في عدة أجزاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>