للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولو لم يكن في هذا الإسناد (نعم) المضاف إلى (من) لكان فيه حجّة على صحة إسناد (نعم) إلى (من)؛ لأنّ فاعل (نعم) لا يضاف في غير ندور إلّا إلى ما يصحّ إسناد (نعم) إليه فكيف وفيه: ونعم من هو، فـ (من) هذه: إمّا تمييز، والفاعل مضمر كما زعم أبو علي (١) وقد تقدم ذلك في باب الموصولات، وإمّا فاعل. فالأول لا يصحّ لوجهين (٢):

أحدهما: أنّ التمييز لا يقع في الكلام - بالاستقراء إلّا نكرة صالحة للألف واللام و (من) بخلاف ذلك، فلا يجوز كونها تمييزا.

الثاني: أنّ الحكم عليها بالتمييز - عند القائل به - مرتب على كون (من) نكرة غير موصوفة وذلك منتف بإجماع في غير محل النزاع، فلا يصار إليه، بلا دليل عليه (٣). فصحّ القول بأنّ (من) في موضع رفع بـ (نعم)؛ إذ لا قائل يقول ذلك مع شهادة صدر البيت فإنّ فيه «نعم مزكأ من»، فأسندت (نعم) إلى المضاف إلى (من) وقد ثبت أنّ الذي يسند إليه لا يضاف كما لا يصح إسنادها إليه، وفي هذا كناية، ويقع فاعل هذا الباب ضميرا مستترا، مفسرا بتمييز مطابق للمخصوص بالمدح أو الذّم، نحو: نعم رجلا زيد، ونعم امرأة هند، ونعم رجلين الزيدان، ونعمت امرأتين الهندان، ونعم رجالا الزيدون، ونعم نساء الهندات.

وهذا الضمير المجعول فاعلا، في هذا الباب شبيه بضمير الشأن، في أنه قصد إبهامه تعظيما لمعناه، فاستويا لذلك، في عدم الإتباع توكيدا وغيره، ونبهت على أنّ مميزه لا يكون إلا صالحا للألف واللّام - مع أنّ كل مميز لا يكون إلّا كذلك -


- وقعت فاعلا لنعم، و (هو) مبتدأ وخبره محذوف تقديره: مثله، والجملة صلة (من) والمخصوص بالمدح محذوف وتقديره: بشر. ينظر الشاهد في: الهمع (٢/ ٨٦)، والأشموني (١/ ١٥٥)، والدرر (٢/ ١١٤)، والخزانة (٩/ ٤١٠)، وشرح الألفية للشاطبي (٤/ ٢٩).
(١) في التذييل والتكميل (٤/ ٥٢٠): «وأما «ونعم من هو» فتأوله أبو علي على أنه تمييز وفي (نعم) ضمير، و (من) تفسير له، فهو في موضع
نصب». اه.
وينظر أيضا مغني اللبيب (ص ٣٢٩) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، وخزانة الأدب (٩/ ٤١٢).
(٢) شرح التسهيل لابن مالك (٣/ ١١).
(٣) ذكر ابن مالك هذا الوجه في الرد على أبي علي. ينظر شرح المصنف (٣/ ١١)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٢٠)، وخزانة الأدب (٩/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>