للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالاستقراء - لأنّ أبا عليّ والزمخشريّ يجيزان التمييز في هذا الباب بـ (ما) فيزعمان أنّ فاعل (نعم) في قوله تعالى: فَنِعِمَّا هِيَ (١) وشبهه، مضمر كما هو في: نعم رجلا زيد، و (ما) في موضع نصب على التمييز (٢)، وربما اعتقد من لا يعرف أنّ هذا مذهب سيبويه وذلك باطل، بل مذهب سيبويه أنّ (ما) اسم تامّ مكنيّ به عن اسم معرّف بالألف واللام الجنسية مقدّر بحسب المعنى (٣) كقولك في إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ (٤): إنّ معناها: فنعم الشيء إبداؤها، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه. قال أبو الحسن بن خروف: وتكون (ما) تامة معرفة بغير صلة نحو: دققته دقّا نعمّا، قال سيبويه (٥): أي: نعم الدقّ، ونعمّا هي: أي نعم الشيء إبداؤها، ونعمّا صنعت، وبئسما فعلت، أي: نعم الشيء: شيء صنعت. هذا كلام ابن خروف معتمدا على كلام سيبويه، وسبقه إلى ذلك السيرافي، وجعل نظيره قول العرب: إنّي ممّا أن أصنع (٦)، أي: من الأمر أن أصنع، فجعل (ما) وحدها في موضع الأمر، ولم يصلها بشيء، وتقدير الكلام: إنّني من الأمر صنعي كذا وكذا فالياء اسم (إنّ) و (صنعي) مبتدأ و (من الأمر) خبر [٣/ ٩٦] (صنعي) والجملة في موضع خبر (إنّ) هذا كلام السيرافيّ، وهو موافق لكلام سيبويه رحمه الله تعالى فإنّه قال: ونظير جعلهم (ما) وحدها اسما قول العرب: إني ممّا أن أصنع أي من الأمر أن أصنع، فجعلوا (ما) وحدها اسما (٧)، ومثل ذلك: غسلته غسلا نعمّا، أي: نعم الغسل (٨) فقدّر (ما) بالأمر، وبالغسل ولم يقدرها بأمر، ولا غسل، فعلم أنها عنده معرفة، وحكى الفراء عن الكسائي أنّه قال: أرادت العرب أن تجعل (ما) بمنزلة الرجل ظرفا -


(١) سورة البقرة: ٢٧١.
(٢) ينظر رأي أبي علي في الإغفال له (١/ ٣١٧، ٣١٨) والشيرازيات (٢/ ٥٥٠)، والمسائل البغداديات (ص ١٢٧) رسالة، وينظر رأي الزمخشري في المفصل (٢٧٣)، والكشاف (١/ ٣٩٧).
(٣) ذكر ابن مالك هذا الوجه أيضا في الرد على أبي علي. ينظر شرح المصنف (٣/ ١١)، والتذييل والتكميل (٤/ ٥٢٠)، وخزانة الأدب (٩/ ٤١٣).
(٤) سورة البقرة: ٢٧١، أي إبداء الصدقات.
(٥) ينظر: الكتاب (١/ ٧٣)، وابن الناظم (١٨٣)، والشاطبي (٤/ ٢٣).
(٦) ينظر: الكتاب (١/ ٧٣)، والمقتضب (٤/ ١٧٥)، وشرح الألفية للشاطبي (٤/ ٢٤) رسالة.
(٧) في شرح الكافية: «ويقوي تعريف (ما) في نحو: «مما أن أصنع» كونها مجرورة بحرف مخبر به وتعريف ما كان كذلك أو تخصيصه لازم بالاستقراء.
(٨) ينظر: الكتاب (١/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>